او غيره لان عدم انطباق المفهوم على الحقيقة غير معقول لان المفهوم فى كل شيء مأخوذ من حقيقته ، وبيان ذلك : ان الإرادة هى اقبال الشيء نحو ما يمكن ان يصدر عنه بالقوة الطبيعية او النفسية او المنزهة عن الطبع والنفس ليتحصل فى العين محدودا بحد كان فى وسعه سواء كان له عناية بذلك أم لا.
انظر الى نفسك فان الإرادة فيك كما ذهب إليه الحكماء وهو الحق ومضى بحثه فى مباحث الاعراض هى الاجماع على الفعل ، وهو على ما تدرك بوجدانك ليس الا اقبال نفسك الى ما تصورته وعلمته أولا من القعود او القيام او المشى او العدو او الشرب او الاكل او غير ذلك ، فانت انت فنفسك تقبل نحو ما فى صقع علمك بعد الشوق وتاكده وزوال التردد ، وبهذا الاقبال يتحصل الحركة فى بعض اعضائك واجزائك ، والحركة امر واحد وانما تختلف باضافتها الى الآلات البدنية والخارجية المختلفة ، فيتحدد بحد من الحدود وتعنون باعتبار كل وضع وآلة بعنوان من العناوين وتسمى باسم فعل من الافعال ، بل ليس تحديد الحركة التى تصدر من صقع قوتك وقدرتك وانشائك لها واحداثك اياها الا نفس ذلك الاقبال فى الحقيقة ، فانه إرادة بما انه صفة للفاعل واحداث بما انه يتعقبه حصول الاثر محدودا متميزا فى العين ، وحديث تقدم الإرادة على الفعل بمعنى الانشاء والاحداث ممنوع ، وبمعنى الاثر الحاصل فى الخارج مسلم تقدما بالعلية لا بالزمان فاذن تنبه ان الإرادة مخصصة ( بصيغة المفعول ) لا مخصصة والتخصيص انما هو شان العلم السابق لان الخصوصية التى تبعثك وتوجب الشوق فى نفسك ما لم تكن معلومة فى الفعل المتصور أولا لم تحصل باقى المبادى الارادية ، فعلمك بفعلك على وجه يترتب عليه غرضك هو الّذي يخصص فعلك بان توقعه فى الخارج على ذلك الوجه كما انه هو الّذي يوجب الشوق فى نفسك ويجعلك تقبل نحو الفعل.
وانظر الى الحجر الهابط من علو فانه يقبل نحو الحركة الى مكانه ، وتلك الحركة بحدها المخصوصة ما يمكن ان يصدر عنه بقوته الطبعية ، والى النار تقبل نحو الاحراق ، والى الشجر يقبل نحو ابراز الاوراق والثمار ، والى