والعز كيفما كان الامر ، وثانيا نرجع الى البرهان الاول ونقول ان هؤلاء الآلهة يمتنع ان يكونوا واجبى الوجود لامتناع تعدد الواجب ، فاحدهم واجب والباقى ممكن فهو الاله الحق القيوم على الكل وغيره الممكن تحت سلطانه ونفاذ امره ، وفى قوله تعالى : ( قُلْ لَوْ كانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَما يَقُولُونَ إِذاً لَابْتَغَوْا إِلى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلاً ) السورة ١٧ الآية ٤٢ اشارة الى هذا ، وثالثا ذكر الحكماء لامتناع عالمين غير مرتبطين دليلا فى كتبهم تركناه لعدم خلوه عن النقاش ، وسيأتى ذكر ذلك فى مبحث المعاد إن شاء الله تعالى ، ورابعا وحدة العوالم المتعددة لا بدّ منها لوحدة حقيقة الوجود الّذي قام به كل شيء ،
الثالث لو تعدد الصانع لما اخبر الرسل عن الواحد لكنهم باجمعهم اخبروا عن الواحد بعينه ، وبهذا البرهان صرح امير المؤمنين عليهالسلام فى ضمن وصية لابنه الحسن المجتبى عليهالسلام مذكورة فى النهج فى الكتاب الحادى والثلاثين بقوله : واعلم يا بنى انه لو كان لربك شريك لأتتك رسله ولرايت آثار ملكه وسلطانه ولعرفت افعاله وصفاته ولكنه إله واحد كما وصف نفسه ، لا يضاده فى ملكه احد ولا يزول ابدا ، ولم يزل اوّل قبل الاشياء بلا اولية وآخر بعد الاشياء بلا نهاية ، واحتمال كذب الرسل مندفع لان صدقهم ثبت بالمعجزات ، واحتمال ان احد الإلهين يمنع الآخر عن الارسال واظهار الآثار باطل يستلزم انتفاء الالوهية عنه لان الممنوع ليس إلها واحتمال انه بنفسه واختياره لا يرسل ولا يظهر مندفع لان كبرياء الالوهية منافية لذلك مع ان ذلك يستلزم كذب الأنبياء فى اخبارهم بان الإله واحد ورضا الإله المرسل بهذا الكذب وهذا ينافى الالوهية والنبوة.
ان قلت : ان اثبات رسالتهم يتوقف على اثبات الالوهية ولو اثبت هذا برسالتهم وصدقهم فى الرسالة لزم الدور ، قلت : ان اثبات رسالتهم يتوقف على الالوهية لا على وحدة الإله ، فاثباتها باخبار الرسول من عند الله الثابت صدقه بالمعجزات لا يستلزم الدور ، ولذلك جعل العلامة المجلسى رحمهالله من الادلة على التوحيد ما ورد فى الكتاب والسنة حيث قال فى باب التوحيد من البحار : السابع الادلة السمعية من الكتاب والسنة