والتحديد ، وكذا مقابلاتها ، وعرف الحكماء والمتكلمون اللذة مطلقا بادراك الملائم والالم مطلقا بادراك المنافى ، والشيخ شرح هذا المعنى فقال فى الاشارات فى اوّل النمط الثامن : ان اللذة هى ادراك ونيل لوصول ما هو عند المدرك كمال وخير من حيث هو كذلك ، والالم هو ادراك ونيل لوصول ما هو عند المدرك آفة وشر كذلك ، ونقل الشهرستانى فى الملل والنحل عن ثامسطيوس عن ارسطوطاليس عند ذكر مقالاته انه قال : اللذة فى المحسوسات هو الشعور بالملائم وفى المعقولات الشعور بالكمال الواصل إليه من حيث يشعر به ، ثم قال الشيخ بعد سطور : وكل لذة تتعلق بامرين بكمال خيرى وبادراك له من حيث هو كذلك ، وحاصل كلامه فى ماهية اللذة هو انها ادراك الكمال الّذي يكون خيرا اى مؤثرا ومختارا بالنسبة الى المدرك من حيث هو كمال وخير لان الشيء الملتذ به يمكن ان يكون له حيثيات متعددة مختلفة يكون اللذة من حيثية منها دون حيثية كالالتذاذ بحرارة النار فى الصرد دون احراقها ، ثم قال الشيخ بعد فصول : اجل مبتهج بشيء هو الاول بذاته لانه اشد الاشياء ادراكا لاشد الاشياء كمالا الّذي هو بريء عن طبيعة الامكان والعدم وهما منبعا الشر ولا شاغل له عنه ، وحاصل كلامه انه تعالى مدرك لذاته الّذي هو كمال كله مع انه فى اعلى مراتب الادراك والمدركية والمدركية فيصح اطلاق المبتهج عليه تعالى بنحو اجل وأليق اذ بين ان حقيقة اللذة هى ادراك الكمال الخيرى وانه تعالى مدرك لذاته الّذي هو كمال مؤثر بذاته من دون تعدد الحيثيات الّذي يأتى من قبل الامكان والعدم ومن دون ان يشغله شاغل عن الادراك ، ومعلوم ان لذته ليست مزاجية لانها تابعة للمزاج المنفى عنه تعالى.
اقول : الظاهر بالوجدان ان اللذة فينا لا سيما العقلية حالة تحصل عند الادراك كذلك لا انها متحدة الحقيقة معه حتى يحكم بثبوتها حيث يثبت مع ان تغاير علمنا وادراكنا حقيقة لعلمه وادراكه تعالى يمنعنا عن الجزم بصحة اطلاق الملتذ والمبتهج عليه تعالى