عرف كونه عالما ، فان معرفة الشيء مطلقا غير معرفته على صفة ، وهذه الاكوان اى كونه سميعا وكونه عالما الخ لا ترجع الى الذات وهو ظاهر ، ولا الى اعراض وراء الذات لانه يؤدى الى قيام العرض بالعرض لاشتراكها فى كونها صفة وعرضا فان ما به الاشتراك غير ما به الافتراق وقيام العرض بالعرض مستحيل عندهم ، فتعين كونها احوالا ، فكون العالم عالما مثلا حال وراء كونه ذاتا ، اى المفهوم منها غير المفهوم من الذات ، وكذلك غيره ، ثم اثبت للبارى تعالى حالة اخرى هى الالوهية اوجبت سائر الاحوال.
اقول : هذا الرجل مع خبطه فى القول بالحال يتقلقل كالاشعرى فى اراضى المفاهيم ولم يطر الى سماء الحقيقة ، وكانه فر من مذهب سائر المعتزلة لما يرد عليهم ، ولم يختر مذهب الصفاتية وهو اقل شناعة من مذهبه لانفته من وصمة التبعية وهو من شيوخ الاعتزال.
المذهب الخامس قول اكثر المعتزلة ومن وافقهم فى ذلك من الخوارج وكثير من المرجئة وبعض الزيدية على ما ذكره الاشعرى فى المقالات ، وهو انه تعالى عالم مثلا لا بعلم هو ذاته ولا بعلم هو صفة له زائدة ، بل الذات بوحدتها يترتب عليها آثار الصفات ولازم قولهم ان اطلاق العالم والقادر وغيرهما عليه تعالى يكون على التجوز اذ هو اطلاق من دون مبدأ الاشتقاق ، وبالحقيقة هم نافون للصفات وذاهبون الى التعطيل فيها ، وعباراتهم المنقولة عنهم مختلفة ، يمكن توجيه بعضها الى المذهب الاول ، كما يوهم بعض العبارات المنقولة عن الفلاسفة انهم يقولون بقول المعتزلة ، بل بعضهم كالتفتازانى شارح العقائد النسفية واللاهيجى فى كوهر مراد صرح بان الفلاسفة والمعتزلة على مذهب واحد ، وهذا خلاف ما قاله السابقون عليهما وما نقلنا عن الشيخ الرئيس عند ذكر المذهب الاول ، والعجب من صاحب المجلى حيث صرح بان الحكماء نافون للصفات مطلقا ذهنا وخارجا ، زيادة وعينا ، وان المعتزلة على القول بالاحوال من دون ذكر الاختصاص بابى هاشم الجبائى ، وهذا سهو منه ، ومجمل الكلام ان المعتزلة حسبوا انهم لو اثبتوا مصاديق بإزاء هذه المفاهيم لزم قيام معان زائدة بذاته تعالى ،