العلل الفاعلية المنتهية إليه تعالى وفاقا للحكماء ، ويثبتون الاغراض لافعاله تعالى خلافا لهم ، والواجب من فعله تعالى عندهم ما تمت علته بالداعى بعد امكانه فى نفسه كما اشار إليه الشارح ، والمراد بالداعى هو العلم بالمصلحة فى الفعل ، والمصلحة كون الفعل بحيث يلائم النظام المطلوب ، والقبيح عنه تعالى ما ليس فيه المصلحة ، فلا يتصور فى فعله تعالى الا الواجب والقبيح ، ثم ان الاثر المترتب على الفعل الّذي فيه مصلحة يسمى غاية وغرضا ، وببيان آخر ان الداعى هو الاثر المطلوب المترتب على الفعل الّذي يصلح سببا لذلك الاثر باعتبار علم الفاعل بانه يترتب على ذلك الفعل ويسمى ذلك الاثر بالغاية والغرض باعتبار موجوديته فى الخارج ، ويقال : ان فى هذا الفعل الّذي هو سبب لذلك الاثر مصلحة له ، ويأتى زيادة إيضاح لذلك فى المسألة الرابعة إن شاء الله تعالى ، والقبيح عنه تعالى ما ليس فيه مصلحة ان يكون سببا للاثر المطلوب ، هذا ، وظاهر عبارة بعضهم قياس افعاله تعالى بافعال العباد من حيث الحسن والقبح يحكم بالقبح فى فعله قبحا يحكم به فى افعال العباد ، وذلك خلاف التحقيق فلا يعقل فى فعله تعالى الا الواجب والقبيح ، واما الثلاثة الاخر من اقسام الحسن فليست الا لمن عليه حاكم شرعا كان او عقلا ، واما جمع المصنف بين الحسن والواجب فى التكليف فى المسألة الحادية عشرة فلانه باعتبار انه تكليف حسن وباعتبار انه يصلح ان يكون سببا لما اراد من خلق العباد واجب ، وسيأتي الكلام فيه.
وحاصل كلامهم ان الفعل لا يصدر منه تعالى الا بعلل غائية تسمى بالاغراض ، وهى المنافع العائدة الى الخلق ، ولا يفعل ما لا نفع لهم فيه او ما فيه ضرر عليهم ، والعذاب بهم يوم القيامة او فى الدنيا وان كان من فعله تعالى الا انه تابع لسوء اختيارهم بحسب وعيده كما ان الثواب تابع لحسن اختيارهم بحسب وعده ، وليس ذلك ظلما منه تعالى بل الناس انفسهم يظلمون ، وسموا هذا النمط عدلا منه تعالى ، فاشتهروا بالعدلية ، وافردوا له فصلا بحثوا فيه عن افعاله تعالى واغراضها وتصحيح ما يتراءى فى بدء النظر قبيحا ، وان كان الامامية مخالفين للمعتزلة فى كثير من هذه المباحث كما هم