من افعال العباد قبيحة ، وكذا ترك إرادة الحسن منها قبيح ، وكذا الامر بما لا يريده من افعالهم قبيح ، والنهى عما يريده منها أيضا قبيح.
اعلم ان الناس اختلفوا فى تعلق ارادته تعالى وقدرته بافعال العباد ، فان ثبت انها تقع بإرادته لا بإرادتهم وبقدرته لا بقدرتهم كان الفعل فعله لا فعلهم ، ويأتى تفصيله فى المسألة السادسة ، وذلك مقالة الجبرية ، فانهم قالوا : ان القبيح الواقع من العبد انما هو واقع بقدرته تعالى وارادته وان كان ينهاه عنه ، والحسن المتروك من العبد انما ترك لعدم ارادته تعالى له وعدم اعمال قدرته عليه وان كان يأمره به ، وكذا كلامهم فى الحسن الواقع والقبيح المتروك ، والمصنف اراد ابطال ذلك بقبح ارادته لقبيح افعالهم وقبح النهى عما اراده منهم ، وقبح ترك ارادته لحسنها وقبح الامر بما لم يرده منهم ، وذلك لان ارادته تعالى تكوينا غير متعلقة بافعالهم من دون ارادتهم ، وانما ترك المصنف ذكر القدرة مع ان الاشاعرة جعلوا كلا منهما مسألة برأسها فى تأليفاتهم وعنونوا البحث فيهما بقولهم : انه لا يخرج شيء من العدم الى الوجود الا بقدرة الله تعالى ، وانه تعالى مريد لجميع الكائنات لان تعلق الإرادة او عدمه يستلزم تعلق القدرة او عدمه ولانه رحمهالله يذكرها ضمنا فى المسألة السادسة ، وقد ذكرها فى المسألة الثالثة والعشرين من الفصل الخامس من المقصد الثانى ، وحاصل المسألة ان افعال العباد هل هى واقعة بقدرتهم وارادتهم كما عليه المعتزلة او بقدرته وارادته تعالى كما عليه الاشاعرة.
قول الشارح : ان الله تعالى يريد الطاعات الخ ـ اى يريد الطاعات ويكره المعاصى من العباد كلهم بالارادة والكراهة التشريعيتين سواء وقعت بإرادة العباد أم لم تقع بعدم ارادتهم ، لا كل ما وقع فى الوجود من الطاعات والمعاصى وغيرها مراد له تعالى كما قالت به الاشاعرة.
ان قلت : لو كان الله تعالى يريد الطاعات ولم تقع لزم تخلف المراد عن ارادته ، ولو كان تعالى لم يرد المعاصى ووقعت لكان فى ملكه ما لا يشاء ، وقد روى عن النبي صلىاللهعليهوآله والائمة عليهمالسلام : ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن ، قلت : لا امتناع