فلم يكن ممن يحب الله ولا ممن يرجو الله واليوم الآخر فلم يكن خليفة حقا.
قال ابن ابى الحديد : احضر ابو بكر عثمان وهو يجود بنفسه فامر ان يكتب عهدا ، وقال : اكتبوا بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما عهد به عبد الله بن عثمان الى المسلمين اما بعد ، ثم اغمى عليه ، فكتب عثمان : قد استخلفت عليكم ابن الخطاب ، وافاق ابو بكر فقال : اقرأ فقرأه فكبر ابو بكر ، قال : اراك خفت ان تختلف الناس ان مت فى غشيتى ، قال : نعم ، قال : جزاك الله خيرا عن الاسلام واهله ، ثم اتم العهد وامره ان يقرأ على الناس ، فقرأ ، ثم اوصى الى عمر بوصايا.
اقول : انظر ايها العاقل كيف كان ابو بكر وعثمان واخوانهم خائفين مشفقين ان تختلف الناس ان لم يتعين خليفة على الامة ، ورسول الله صلىاللهعليهوآله لم يكن عندهم بهذه الفكرة فجعل الناس حيارى مختلفين بعده ولم يجعل لهم علما يلتجئون إليه ويهتدون به عند حيرتهم واختلافهم ، ثم خالفوه فى الاستخلاف ، وهذا تسفيه له صلىاللهعليهوآله ولعن الله اعاديه فى هذا الامر عملا كما صنع الثانى ذلك قولا فيما رواه الفريقان انه لما قرب وفاة النبي صلىاللهعليهوآله قال حين اجتمعوا عليه عدة من الاصحاب وفيهم عمر : ايتونى بدواة وقرطاس اكتب لكم كتابا لن تضلوا بعدى ، فقال عمر : ان الرجل ليهجر حسبنا كتاب الله ، وفى رواية البخارى : انه قد غلبه الوجع حسبنا كتاب الله ( وهذا ابلغ لانه افادة ذاك المعنى بعلته ) وكثر اللغط والتنازع ، فقال صلىاللهعليهوآله : قوموا عنى لا ينبغى عندى التنازع ، وكان ابن عباس يقول : الرزية كل الرزية ما حال بيننا وبين كتاب رسول الله صلىاللهعليهوآله .
اقول : كفى بهذا الكلام كفر القائلة وانه احب ضلالة العباد الى يوم القيامة ، ولاى شيء لم يقل عمر ذلك حين امر ابو بكر عثمان بكتابة العهد عند ما كان يجود بنفسه ، هل راى ان كتاب ابى بكر ينفع الاسلام وكتاب رسول الله صلىاللهعليهوآله يضره ، أم تغير كتاب الله عن الكفاية بزعمه ، أم لا ذاك ولا ذاك ، بل اوجس فى نفسه ان كتابه ينفيه عن التغلب على امور المسلمين وعرف ان كتاب ابى بكر يقرّه على ذلك.