ترجيح للنطفة على غيرها فى ان يفيض الفاعل الصورة عليها لا عليه كما ان الفاعل أيضا لا بدّ ان يكون له ما يناسب الاثر المفعول فلذلك يمتنع ان يكون كل شيء فاعلا لكل شيء او قابلا له.
ثم ان هذه الكيفية توجب لا محالة فى ذات القابل قوة وجود المقبول وبفعليته تنتفى لامتناع اجتماع القوة والفعل فتحصل لذات القابل اضافة الى ماهية المقبول فى ظرف عدم المقبول وهذه الاضافة امر عقلى يعتبره العقل بعد قياس ذات القابل الى ماهية المقبول وليست موجودة فى الخارج لان احد طرفيها وهو ماهية المقبول لم توجد بعد فيه فههنا كيفية وقوة ليست هى الا شأنا من شئون تلك الكيفية واضافة منشأ اعتبارها هو الكيفية المذكورة.
ثم ان ظاهر بعض عبارات القوم تسمية تلك الكيفية بالاستعداد وظاهر بعضها الاخر تسمية تلك القوة به وظاهر بعضها الاخر تسمية تلك الاضافة به والانسب نظرا الى المفهوم اللغوى والى التعريف الّذي ذكروه للاستعداد وهو تهيؤ الشيء لصيرورته شيئا آخر هو تسمية الاضافة به اذ باعتبار هذه الاضافة يقال للقابل المستعد ولماهية المقبول المستعد له وان كان منشأ هذه الاضافة تلك الكيفية والقوة ويظهر من بعض العبارات اخذ هذه الثلاث شيئا واحدا.
ثم ان وجود المقبول ليس مرسلا على ماهيته بل حصوله لها مشروط بذات القابل وزمان كما بين فى محله بمعنى ان كون المقبول انما هو فى ذات القابل فامكانه أيضا مشروط بها بحيث لو لم يكن فى البين ذات القابل كان المقبول ممتنعا فالموجود الحاصل فى المادة ليس امكانه مرسلا كوجوده بل مقيد بمادة وزمان وهذا الامكان الذاتى المقيد بهذا القيد هو الامكان الاستعدادى فلذلك قال صاحب الشوارق : ان الامكان الاستعدادى امكان ذاتى مأخوذ مع تحقق بعض الشرائط وارتفاع بعض الموانع فيغايره مغايرة الكل والجزء انتهى وفى بعض العبارات ان الاستعداد والامكان الاستعدادى شيء واحد وهو ذلك التهيؤ والاضافة يكون بالنسبة الى المستعد استعدادا وبالنسبة الى المستعد له امكانا استعداديا وفى عبارات كثير