يمرق السهم من الرمية ؛ ثم لا يعودون فيه حتى يعود السهم فى فوقه ؛ فاقتلوهم ؛ هم شر البرية.
ثم قال السيد ذيل القصة : ان من امعن فى هذين الحديثين المختصين بهذا المارق ـ حديث ابى يعلى عن انس وحديث ابن حنبل عن ابى سعيد ـ علم بان لهذا المارق من رسول الله صلىاللهعليهوآله يومين ؛ امر فى كل منهما بقتله فلم يقتل ؛ وذلك ان حديث انس صريح بان النبي لم يكن مسبوقا بمعرفة هذا المارق ؛ وقد ذكروه ووصفوه له فلم يعرفه ولذا لم يأمر فيه بشيء حتى رآه وعرفه بسفعة من الشيطان بين عينيه وبما هو عليه من العجب بنفسه وحينئذ امر بقتله ، وكانت صلاة هذا المارق التى اعجبت الشيخين يومئذ فى المسجد بعد صدور الامر لهما بقتله ؛ اما حديث ابى سعيد فصريح بان أبا بكر رأى هذا المارق يصلى فى بعض الاودية لا فى المسجد فاعجبه خشوعه لله حيث لا يراه سواه ، فاخبر النبي بذلك فامر بقتله بدون ان يراه ؛ وهذا ليس الا لانه كان محكوما عليه من قبل ذلك بالقتل كما لا يخفى ؛ فالحديثان فى واقعتين متعددتين بلا ريب قوبل النص فيهما بالاجتهاد.
واتى رحمهالله بعد ذلك بكلام فى الخوارج وباحاديث فيهم وفى ذى الثدية ؛ ثم قال : ولنختم ما عنينا به من شئون هذه المارقة بحديث اخرجه الطبرانى فى الاوسط عن جندب ؛ قال : لما فارقت الخوارج عليا خرج فى طلبهم وخرجنا معه ؛ فانتهينا الى عسكر القوم ؛ فاذا لهم دوىّ كدوى النحل من قراءة القرآن ؛ واذا فيهم من اصحاب النقبات واصحاب البرانس ؛ فلما رأيتهم دخلنى من ذلك شدة ؛ فتنحيت فركزت رمحى ونزلت عن فرسى ونزعت برنسى فنشرت عليه درعى واخذت بمقود فرسى فقمت اصلى الى رمحى وانا اقول : اللهم ان كان قتال هؤلاء القوم لك طاعة فاذن لى فيه وان كان معصية فارنى براءك ، فبينا انا كذلك اذ اقبل على بن ابى طالب ؛ فلما دنا منى قال : تعوّذ بالله يا جندب من شر السخط ؛ فجئت اسعى إليه ، ونزل فقام يصلى ؛ واذا برجل اقبل فقال : يا امير المؤمنين ألك حاجة فى القوم؟ قال : وما ذاك؟ قال : قطعوا النهر فذهبوا ؛ قال : ما قطعوه ؛ قال : سبحان الله ؛ ثم جاء آخر فقال : قد قطعوا