العالم قديم لان فاعله تام فى الفاعلية فلا يتصور تخلف معلوله عنه ، وما ثبت قدمه امتنع عدمه على ما مر فى المسألة السابعة والاربعين من الفصل الاول من المقصد الاول ، والمتكلمون يقولون : ان المؤثر فى العالم قادر مختار على ما مر فى المسألة الاولى من الفصل الثانى من المقصد الثالث والقادر المختار يمكنه الايجاد والاعدام لاثره فى كل حال.
قول الشارح : وذهب الكرامية والجاحظ الخ ـ حاصل كلامهم ان عدم العالم لا بد له من سبب لان الشيء لا يفنى من قبل ذاته كما لا يوجد من قبل ذاته ، والاسباب الثلاثة التى قال بها الفرق الثلاثة القائلة بجواز طريان العدم على العالم من انه يفنى باعدام الفاعل بلا واسطة او يفنى بوجود الضد او يفنى بانتفاء الشرط ليست باسباب ، وسيأتى إن شاء الله تعالى تفصيل هذا الكلام فى المسألة الآتية.
قول الشارح : ولا بالفاعل لان شأنه الخ ـ اى ليس سبب فناء العالم فاعله كما قال المصنف وامثاله لان الفاعل من حيث هو فاعل شأنه الايجاد وان يفعل ، ومعنى ذلك انه يصدر منه اثر فى الخارج ، وحيث ان العدم ليس اثرا فى الخارج فلا يصدر منه ، ان قيل : ان الاعدام ليس هو ترتب اثر على الفاعل فى الخارج هو العدم ، بل هو انقطاع ترتب اثر هو الوجود ، وبعبارة اخرى ان الاعدام ليس انه يفعل العدم ، بل هو انه لا يفعل الوجود ، قالوا فى جوابه : لا فرق فى العقل بينهما.
قول الشارح : ولا ضد للاجسام الخ ـ اى ليس سبب عدم العالم وجود ضده الّذي هو صفة الفناء على ما ذهب إليه اكثر المعتزلة اذ لا ضد للاجسام لان الجوهر لا ضد له كما مر بيانه فى المسألة الثالثة من الفصل الاول من المقصد الثانى ، ولو فرضنا له ضدا ليس اعدام الضد الّذي وجد حادثا للعالم اولى من انعدام الضد به لان التضاد من الطرفين فكلما وجد ضد للعالم يمكن ان ينعدم الضد به ، وانما قلنا ليس اولى لان الاولوية اما من جهة السبب الّذي اوجد العالم ويوجد ضده فهذه الاولوية باطلة لان تعلق كل من العالم وضده بالسبب مشترك فلا اولوية ، واما من جهة تعدد الضد ووحدة العالم فان تعدده فيما نحن فيه باطل لان اثنين من الضد وهو اقل مراتب الكثرة والتعدد