ثم ان علماء الاسلام مختلفون فى بقاء النفس الناطقة وفنائها كالاختلاف فى نفسها ، ففرقة وفاقا للحكماء الى تجردها وبقائها ابدا كسائر المجردات ، وفرقة الى انها تبطل وتعود يوم البعث كالبدن كخلافهم فى الفلك التاسع المسمى بالعرش المحدد للجهات هل هو يفنى كغيره أم لا ، فعلى هذا فلا اجماع لاهل الملة على فناء العالم باسره وان كان ظواهر الآيات والاخبار ذلك ، ثم انهم اختلفوا فى ان فناء العالم هل هو ببطلان الذوات وزوال الهويات ورجوعها الى العدم الصرف كما كانت من قبل ، أم بتفرق الاجزاء وزوال الاعراض والاوصاف وبقاء اصل منها الى يوم النشور حتى يكون مناط الوحدة بين الفانى والمعاد ، فالذاهب الى امتناع اعادة المعدوم كالمصنف فلا بد له من الالتزام بالثانى وانكار الاول كما صرح هاهنا بقوله : ويتأول فى المكلف الخ ، وقد قلنا فى المسألة الاربعين من الفصل الاول من المقصد الاول : وقوم آخرون من المتكلمين قالوا بجواز اعادة المعدوم زعما منهم ان المعاد متوقف عليه وليس كذلك ، وذلك لتصحيحه بهذا التأويل المذكور هاهنا.
قول الشارح : وسيأتى البرهان الخ ـ فى المسألة الرابعة.
قول الشارح : وذلك ظاهر المناقضة ـ لان القول بامتناع اعادة المعدوم لا يجامع القول بالمعاد ، لكن هذا بحسب بادى النظر لان عدم مجامعة القولين انما هو على تفسير الانعدام ببطلان الذوات وزوال الهويات ، والمصنف لا يقول بذلك فى المكلف الّذي يجب الايمان بعوده يوم القيامة ، واما غير المكلف فساكت عنه ، وان كان بعض الآيات والاخبار يدل على عود الحيوانات يوم القيامة كما مر ذكرها فى المسألة الرابعة عشرة من الفصل الثالث من المقصد الثالث.
قول الشارح : يصدق عليه انه هالك ـ جواب عن دخل مقدر ، هو ان الفناء المدلول عليه بالسمع لا يصدق على تفرق الاجزاء ، فاجاب بانه يصدق باحد هذين الاعتبارين.
قول الشارح : بالنظر الى ذاته ـ اقول : بهذا الاعتبار لا يلزم تفرق الاجزاء أيضا كما اوّلوا الحكماء الآية الى ذلك.