متناه لا يسع ابدانا غير متناهية ، والجواب ان النفوس متناهية ، والقول بعدم تناهيها باطل لان العالم حادث ، وعلى فرض كونه قديما لا يلزم من قدمه قدم النفوس ، وعلى فرض قدمها لا يلزم عدم تناهيها عددا دفعة فى الخارج ، بل عدم تناهيها تعاقبى ، فلا يكون الحاصل فى الخارج يوم البعث الا متناهيا وان بلغت فى الكثرة ما بلغت ، وازدياد حجم الارض بالتخلخل ممكن كما اشير إليه بقوله تعالى : ( وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ ) ، وقد مر فى المسألة السابعة من الفصل الرابع من المقصد الثانى ما له تعلق بهذا المبحث ، على ان الخلق والحشر يكون لعالم بعد عالم بخلقه تعالى عالما ثم إماتته ثم حشره والحاقة بمقامه الابدى ثم خلق عالم آخر وهكذا.
روى الصدوق رحمهالله فى التوحيد باب ذكر عظمة الله عز وجل بالاسناد الى جابر بن يزيد الجعفى ، قال : سألت أبا جعفر عليهالسلام عن قوله تعالى : ( أَفَعَيِينا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ ) ، قال : يا جابر تأويل ذلك ان الله عز وجل اذا افنى هذا الخلق وهذا العالم وسكن اهل الجنة الجنة واهل النار النار جدّد الله عالما غير هذا العالم وجدد خلقا من غير فحولة واناث يعبدونه ويوحدونه ، وخلق لهم ارضا غير هذه الارض تحملهم وسماء غير هذه السماء تظلّهم ، لعلك ترى ان الله انما خلق هذا العالم الواحد ، وترى ان الله لم يخلق بشرا غيركم ، بلى والله لقد خلق الله الف الف عالم والف الف آدم انت فى آخر تلك العوالم واولئك الآدميين.
الشبهة الخامسة ان عود الروح الى البدن تناسخ والتناسخ باطل باعتراف القائل بالمعاد الجسمانى على ما برهن عليه فى المسألة الثامنة والعاشرة من الفصل الرابع من المقصد الثانى ، وبيان مفسدة التناسخ ان اجزاء البدن عند البعث اذا جمعت وتمت صورة البدن ثانيا واستعد لقبول النفس فى رحم الارض فهو امر بالقوة كما يستعد فى رحم الام لان فعلياته التى كانت له قد زالت وانتفت بالتفرق او الانعدام بعد مفارقة النفس ، والنفس امر بالفعل لان ما حصل لها فى مدة حياتها فى الدنيا باق له ببقائها ، فاذن ما يمكن ان يتعلق بهذا البدن هو نفس جديدة ساذجة لا النفس السابقة لان ما بالقوة لا يتحد مع ما بالفعل لتنافى الفعلية والقوة وامتناع رجوع ما بالفعل الى القوة ،