ان للانسان طينة اصلية لا تبلى ولا تتفرق ، وسائر اجزائه تبلى وتتفرق ، ولكن لا تتحلل ذراته كذرات الذهب فى خلال التراب ، ثم عند البعث تلتصق تلك الذرات بتلك الطينة ، ثم تعود صورتها عليها وتلج الروح فيها.
والحاصل ان هذه الشبهة نشأت من ملاحظة ان بدن الانسان يتمزق ويتفرق اجزاؤه فى تراب الارض وتصير مادة من النباتات او نطفا للاناسى والحيوانات او يأكلها آكلون بعض الاحيان من دون تحولها كذلك وتصير اجزاء لابدان آخرين ، وكل ذلك حكم على الشيء بالمشاهدة والقياس ، والحكم كذلك لا يفيد الجزم لان الكلية وهى ان كل ما يكون فى الارض اذا قارب عروق الاشجار تمصصته ويصير جزءا منها وكل ما دخل فى جوف آكل يتحلل الى اعضائه ممنوعة ، على ان تداخل الذرات مع غيرها باى وجه كان لا يضرّ بالمطلوب لان الله تعالى يستخلصها من اى حيز كانت فيه.
الشبهة الثالثة ان المعاد الجسمانى هو عود البدن المعدوم ، واعادة المعدوم ممتنعة كما برهن عليه فى المسألة الاربعين من الفصل الاول من المقصد الاول.
والمتكلمون اجاب بعضهم بمنع الامتناع ، وبعضهم بان البدن لا ينعدم بل يتفرق اجزاؤه ثم يجمعها الله تعالى يوم القيامة كما اشار إليه المصنف فى المسألة الثالثة بقوله : ويتأول فى المكلف الخ ، وكما مر تقريره فى الجواب عن الشبهتين السابقتين.
اقول : لا يعقل العدم الصرف لشيء اذ لا اقل من كونه العلمى فى صقع الربوبية الّذي لا عدم هناك ولا يعقل له خارج حتى يتصور عدم هنا ، فالمعدوم فى العين مع بقاء كونه العلمى عند الله تعالى كما كان فى الازل لا امتناع فى اعادته مع انه تعالى مختار بالذات يمحو ما يشاء وان كان مجردا بابطال حده الماهوى وتوفى كينونيته الى صقعه الربوبى ، ويثبت ما يشاء بظهور كينونيته ثانيا فى الاعيان بالتحديد والانشاء كما انشأه أوّلا.
الشبهة الرابعة ان النفوس غير متناهية ، تستلزم ابدانا غير متناهية ، وجرم الارض