خاوية ، ما فيها شيء مما يوصف ، وان مدبر هذا العالم فى صورة المخلوقين بحجة من روى ان الله عز وجل خلق آدم على صورته ، وانه لا جنة ولا نار ، ولا بعث ولا نشور ، والقيامة عندهم خروج الروح من قالبه ولوجه فى قالب آخر ، ان كان محسنا فى القالب الاول اعيد فى قالب افضل منه حسنا فى اعلى درجة الدنيا ، وان كان مسيئا او غير عارف صار فى بعض الدواب المتعبة فى الدنيا او هوامّ مشوهة الخلقة ، وليس عليهم صوم ولا صلاة ولا شيء من العبادة اكثر من معرفة من تجب عليهم معرفته ، وكل شيء من شهوات الدنيا مباح لهم من فروج النساء وغير ذلك من نكاح الاخوات والبنات والخالات وذوات البعولة ، وكذلك الميتة والخمر والدم. فاستقبح مقالتهم كل الفرق ، ولعنهم كل الامم ، فلما سئلوا الحجة زاغوا وحادوا ، فكذّب مقالتهم التوراة ، ولعنهم القرآن ، وزعموا مع ذلك ان إلههم ينتقل من قالب الى قالب ، وان الارواح الازلية هى التى كانت فى آدم ، ثم هلم جرا تجرى الى يومنا هذا فى واحد بعد آخر ، فاذا كان الخالق فى صورة المخلوق فبما يستدل على ان احدهما خالق صاحبه ، وقالوا ان الملائكة من ولد آدم ، كل من صار فى اعلى درجة من دينهم خرج من منزلة الامتحان والتصفية ، فهو ملك ، فطورا تخالهم نصارى فى اشياء ، وطورا دهرية يقولون : ان الاشياء على غير الحقيقة ، فقد كان يجب عليهم ان لا يأكلوا شيئا من اللحمان لان الدواب عندهم كلها من ولد آدم ، حولوا فى صورهم فلا يجوز اكل لحوم القرابات.
قول الشارح : ابن الهيصم ـ هو محمد بن الهيصم من شيوخ الكرامية ، اجتهد فى ترميم مقالات رئيسهم ابى عبد الله محمد بن كرام من القول بانه تعالى جسم فاوّله الى القائم بالذات ، والقول بانه فى جهة الفوق فاوّله الى العلو ، وهكذا سائر مقالاته الشنيعة المذكورة فى كتب المذاهب الا القول بانه محل الحوادث فالتزمه ابن الهيصم ، كذا فى الملل والنحل للشهرستانى.
قول الشارح : الصوفية ـ سموا بذلك لانهم كانوا يلبسون الصوف لداعى الرياضة ، وهم فرق كثيرة ، قد ورد فى احاديث ائمتنا صلوات الله عليهم مذمتهم ، وفى وصية النبي صلىاللهعليهوآله لابى ذرّ رضياللهعنه : يا أبا ذر يكون فى آخر الزمان