وآخر سيئا ، ويظهر من المفيد رحمهالله ان الايمان ان كان حقيقيا مستقرا فالموافاة حتم لا ينقلب الى الكفر ، ومن مات على الكفر لم يكن مؤمنا وان كان اظهر الايمان فى حياته.
قال فى اوائل المقالات : القول فى الموافاة ، اقول : ان من عرف الله تعالى وقتا من دهره وآمن به حالا من زمانه فانه لا يموت الا على الايمان به ، ومن مات على الكفر بالله تعالى فانه لم يؤمن به وقتا من الاوقات ، ومعى بهذا القول احاديث عن الصادقين عليهمالسلام ، وإليه ذهب كثير من فقهاء الامامية ونقلة الاخبار ، وهو مذهب كثير من المتكلمين فى الارجاء ؛ وبنو نوبخت رحمهمالله يخالفون فيه ويذهبون فى خلافه مذاهب اهل الاعتزال ، انتهى.
اقول : الحق ما قاله رحمهالله فان المؤمن اذا كان ايمانه يقينيا مستقرا على الوجه الّذي ارتضاه الله تعالى وذاق طعم هذا الايمان واتى بالطاعة على الوجه المامور به فلا معنى لزوال ايمانه فلا يتصور اشتراط استحقاقه لثواب الطاعة بشيء لانه اتبع هدى الله تعالى ومن اتبع هداه فلا يضل ولا يشقى ؛ وعكس نقيض هذه القضية ان من ضل وشقى لم يكن يتبع هدى الله تعالى ، ومن لم يتبع هدى الله تعالى لم يؤمن ولم يأت بالطاعة على وجهها وان كان ظاهر حاله ذلك ؛ وذلك ليس يخفى على الله عز وجل ؛ فيصح ان يقال : ان الاستحقاق لم يحصل فى الواقع لان الله تعالى يعلم ان ما أتى به ليس على وجهه اذ اتاه بلا ايمان واقعا ؛ ويظهر مشهودا ولو على نفسه يوما من مستقبل عمره انه لم يكن على ما ينبغى فى مقام العبودية ؛ وأيضا يصح ان يقال : ان الاستحقاق حصل فى الظاهر مشروطا بالموافاة ؛
والحاصل ان الحق الحقيق بالتصديق ان الطاعة علة تامة لاستحقاق الثواب ويحصل فى وقتها اذا اتى بها على الوجه المرضى عند الله عز وجل ؛ ولا ينتفى هذا الاستحقاق بطريان الضد اذ لا ضلالة بعد هدى الله تعالى ؛ واما اذا لم تكن على الوجه المذكور فلا استحقاق الا فى الظاهر ؛ وهذا الظاهر ينتفى لا بطريان الضد اذ لا واقع له ؛ بل بظهور انتفاء الحقيقة الى آخر الامر وحين لقاء ربه ؛ هذا فى الايمان والطاعة