ما بين فى المسألة الثانية عشرة من الفصل الثالث من المقصد الثالث هو تقريب العبد من الطاعة وتبعيده عن المعصية ، واما المانع الشرعى فان ذلك تبديل للقول لانه تعالى اوعد العاصين فى كتابه بالعذاب فان لم يعذب العاصى كان ذلك تبديلا لقوله ، وقد قال تعالى : ( ما يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَما أَنَا بِظَلاَّمٍ لِلْعَبِيدِ ).
فالجواب عن الاول ان الايمان بعفوه تعالى يوجب رجاء الشخص العاصى فيه لا انه يوجب العلم بوقوع العفو له واجبا عليه تعالى لان المؤمن العاصى يكون فى خوف على ايمانه انه لا يزول بعصيانه فيزول منه مناط غفرانه لان قوله تعالى : ( ثُمَّ كانَ عاقِبَةَ الَّذِينَ أَساؤُا السُّواى أَنْ كَذَّبُوا بِآياتِ اللهِ وَكانُوا بِها يَسْتَهْزِؤُنَ ) نصب عينيه ولانه يرى التنافى بين العصيان والايمان الّذي هو محبوب عنده ، فيحافظ على نفسه لئلا يقع فى ورطة المعاصى ، فاذا اتفق ذلك يرجو عفوه لايمانه بعفوه ، فلا ييأس من روح الله تعالى ، والحاصل ان المؤمن حيث لا يطمئن على بقاء ايمانه الى موته ان تورط فى معاصى ربه ويرى ان مضعفه ومزيله هو العصيان لا يميل إليه ، فكيف بان يغرى عليه ، فان عصى احيانا يرجو غفرانه لا انه يجترى عصيانه.
وعن الثانى ان الآية خاصة بوعيد المشركين بشهادة ما قبله من الآيات ، وابقاؤها على العموم يستلزم عدم النسخ والبداء وعدم تبدل الكائنات واجابة الدعوات وعدم تنهية المقضيات الى نهايات ازمانها لان فى ذلك كله قول لديه تعالى مع انه يبدل تبديلا ، وقد جاء الحديث فى تفسير الآية بان ما فعل المشركون والكفار من السيئات لا تبدل حسنات كما يبدل الله سيئات المؤمنين حسنات وكان الله غفورا رحيما.
قول المصنف : ولانه احسان ـ بالغير كما انه حسن فى نفسه ، وكل احسان كالحسن فى نفسه واقع منه تعالى ان لم يمنعه مانع من الحكمة ، ولقرب هذا الوجه من سابقه لم يتعرض له الشارح.
قول الشارح : وغير جائز سمعا ـ استدل هؤلاء بآيات الوعيد على عدم جواز العفو بان ذلك يستلزم تبدل القول فيها ، وقد مر جوابه آنفا.
قول الشارح : فجاز تركه ـ نتيجة للمتقدمتين ، والكبرى وهى كل حق له