بل فى الواجبات والقبائح يأتى بعضها ويترك بعضها ، فانه يقول مثلا : لو صح ان يقال للعبد المصلى التارك للصوم : ان صلاتك ليست بصحيحة لان اللازم عليك ان تصلى لوجوبها ولست تصلى له لانك لو صليت لذلك لصمت لانه واجب أيضا لصح ان يقال : للعبد التائب عن الزنا المصر على الكذب : ان توبتك عن الزنا ليست بصحيحة لان اللازم عليك ان تتوب منه لقبحه ولست كذلك لانك لو تبت لذلك لتبت من الكذب لانه قبيح أيضا ، فاذا امتنع القول الاول امتنع القول الثانى ، وهذا حق اذ لو وجب ترك القبيح لقبحه لا غير واتيان الواجب لوجوبه لا غير فكما يستكشف من التبعيض فى ترك القبائح ان ترك المتروك ليس لقبحه يستكشف من التبعيض فى اتيان الواجبات ان اتيان المأتى ليس لوجوبه ، فاذا قلنا بعدم التبعيض فى احدهما فلا بد من القول به فى الاخر ، ولكن قلنا من قبل : ان الواجب لا يجب اتيانه لوجوبه ولا القبيح يجب تركه لقبحه ، والتبعيض ممكن فى المحرمات والواجبات.
قول الشارح : وان كان اعتقاده الخ ـ اى وان كان اعتقاد من اعتقد الحسن فى بعض القبائح قبيحا لانه لا يعتقد القبيح كما هو حقه ، فاعتقاده جهل مركب وهو قبيح.
قول الشارح : فكذا العزم ـ اى فكذا العزم فيما نحن فيه بالنسبة الى ترك المعاودة الى كبيرة كقتل النفس بغير حق وصغيرة ككذبة فى هزل.
قول المصنف : والتحقيق الخ ـ الفرق بين تحقيق المصنف وقياس ابى على مع اتفاقهما فى المدعى ان قياسه لا يفيد الا الزام الخصم واسكاته بجامع بين المقيس والمقيس عليه ، فلذا تمحل الخصم لبيان الفارق بينهما ، واما المصنف فقد حلّ العقدة بان الدواعى فى ترك المحرمات مع اشتراكها فى الندم على القبيح لقبحه تختلف بحسب الامور الخارجية ، فيصير اختلافها سببا لترجيح بعضها على بعض ، فيحصل له العزم على ترك بعض المحرمات دون بعض كما ذكرنا من قبل من مثال الزنا والكذب ، فتحقيقه يخالف مدعى ابى هاشم ودليل ابى على ، ويوافق دليل ابى هاشم ومدعى ابى على ، فغلط القوشجى فى قوله : ان محصل ما ذكره من التحقيق عدم الفرق بين