لقبحه وفعل الواجب لوجوبه فيصح التبعيض فى كليهما ، فلو كان غير صحيح فى الاول لكان غير صحيح فى الثانى.
اقول : تسلّما وجوب ترك القبيح لقبحه واتيان الواجب لوجوبه الا ان أبا هاشم يردّ هذا القياس للفرق الفارق بينهما كما يأتى بيانه فى كلام الشارح ، ولكن الحق انه لا يجب ذلك ، بل يكفى مطلق الترك فى الاول وكون الداعى فى الثانى إلهيا لا نفسانيا وان كان الاتيان لوجوبه فى الدين احد الدواعى الالهية لكنه لا يتعين ، نعم لو كفّ نفسه عن حرام تطالبه بذلك طلبا لمرضاته تعالى كان له ثواب بذلك مزيدا على الأمن من العقاب.
اذا عرفت ذلك فالتبعيض فى ذلك ممكن كما يشهد به الوجدان ويشاهد للتائبين من العباد ، فان انسانا لو كان زانيا وكاذبا امكن ندمه على كذبه وعزمه على تركه لله تعالى وان لا يعود إليه ابدا ، وبقائه على ارتكاب الزنا لغلبة شهوته وعدم تمكنه من الزواج معتقدا حرمته راجيا لتوفيق التوبة منه بالتمكن من سبيل النكاح ، وهذا مراد المصنف مما يأتى فى كلامه من ترجيح الداعى الى الندم على البعض كما ان هذا الترجيح متصور فى افعال الواجبات.
قول الشارح : لم تكن مقبولة ـ على تقرير ابى هاشم ينبغى ان يقال : لم تكن توبته بالتوبة.
قول الشارح : بالتعميم فى الاول دون الثانى الخ ـ اى بتعميم النهى المستدعى لترك كل فرد من افراد القبيح كما لو قال المولى : لا تأكل الرمانة الحامضة فانه يستدعى ترك أكل كلّ رمانة حامضة والالم يمتثل النهى بخلاف ما لو قال : كل الرمانة الحامضة فانه. لو اكل واحدة لامتثل الامر ، فحصل الفرق بين ترك القبيح وفعل الواجب بانه لو ترك بعض افراد القبيح وارتكب بعضها الاخر يكشف ذلك عن ان تركه لذلك البعض ليس لقبح الفعل بخلاف الواجب فان اتيان بعض افراده دون بعض لا يكشف عن انه ليس لوجوبه ، بل ظاهر فى الاتيان للوجوب.
اقول : كلام ابى على كما هو صريحه ليس فى افراد واجب واحد او قبيح واحد ،