من جهته التمسّك بالنصوص المشار إليها لتحريم هذين النوعين من الصلح والهبة أولا؟ وجهان مبنيّان على كون الثمن عبارة عن العوض المبذول للعين في البيع أو مطلقاً ، كلمة أئمّة اللغة فيه مختلفة.
فعن الجوهري في الصحاح «والثمن ثمن المبيع» (١) وظاهره يفيد الاختصاص وإن حمل على إرادة التشبيه.
وفي الغريبين للهروي «الثمن قيمة الشيء» (٢) ونحوه ما في المجمع (٣) إلّا أنّ الأوّل قال ـ عقيب ما عرفت ـ : «وجعل الثمن مشتري كسائر السلع لأنّ الثمن والمثمن كلاهما مبيع ولذا اجيز شريت بمعنى بعت».
وهذا الكلام يعطي أنّ المراد قيمة المبيع خاصّة فيوافق الأوّل ، ولا ينافيهما ما عن الأساس «أثمنت الرجل بمتاعه وأثمنت له أعطيت ثمنه ، وثمّن هذا المتاع بيّن ثمنه كما تقول قوّمه» (٤).
نعم عن المصباح المنير «الثمن العوض» (٥) وهذا ظاهر في العموم ، ويوافقه ما في القاموس «وثمن الشيء محرّكة ما استحقّ به ذلك الشيء ... إلى أن قال : وأثمنه سلعته وأثمن له أعطاه ثمنها» (٦).
ويمكن إرجاعهما إلى الأوّل ، فالجميع يريدون عوض المبيع خاصّة ، ويشهد له العرف فإنّ المتبادر من الثمن في متفاهم العرف هو ذلك لا مطلق العوض ، وإليه ينصرف إطلاقات الأخبار. ولو سلّم أنّه بحسب اللغة لمطلق العوض فلا ينصرف الإطلاق في الأخبار إلّا إلى الخاصّ فإنّه الغالب المعهود بحسب الاستعمال. وعلى هذا فلا يندرج المعوّض من الصلح والهبة في عموم قوله عليهالسلام : «ثمن الكلب الّذي لا يصيد سحت» كما لا يندرج فيه الغير المعوّض منهما.
وقضيّة عمومات الصحّة في العقدين جوازهما في الكلاب الأربعة مطلقاً ، وكذلك يجوز إصداقها والوصيّة بها لأجل العمومات السليمة عمّا يوجب الخروج منها جزماً
__________________
(١) الصحاح ٥ : ٢٠٨٩ (ثمن).
(٢) الغريبين ١ : ٢٩٦.
(٣) مجمع البحرين ١ : ٣٢٥.
(٤) أساس البلاغة : ٤٨.
(٥) المصباح المنير : ٩٣.
(٦) القاموس المحيط ٤ : ٢٠٧.