الكرامة (١) ورجّحه بعض مشايخنا (٢) عند قراءتنا عليه. وليس بشيء ، والعمومات المشار إليها حجّة على كلّ من قال هنا بالمنع ، ولا يزاحمها قاعدة تحريم التكسّب بالأعيان النجسة على ما أقعدناه سابقاً ، لعدم شمول ما هو دليلها العامّ من رواية تحف العقول والخبر النبويّ لما نحن فيه.
أمّا الأوّل : فلوجهين ، الأوّل أنّ قوله عليهالسلام : «أو شيء من وجوه النجس» على ما بيّنّاه سابقاً ظاهر في العنوانات النجسة الّتي نجاستها تابعة لأصل العنوان ، والمقام ليس منها. والثاني أنّ قوله عليهالسلام : «لأنّ ذلك كلّه منهيّ عن أكله وشربه ...» الخ يفيد إناطة المنع من البيع والشراء بتحريم جميع المنافع والتقلّبات ، وهذا ليس منها لقبوله الانتفاع بالأكل والشرب بعد الطهارة وهما منفعتان محلّلتان.
وأمّا الثاني : فلما ذكرناه مراراً من أنّ قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «إنّ الله إذا حرّم شيئاً» يفيد إناطة تحريم الثمن بتحريم جميع المنافع أو تحريم المنافع المقصودة والعمدة من منافع المقام الأكل والشرب بعد الطهارة وهما محلّلان ، نعم إنّما أكله وشربه حال النجاسة ، ولا كلام في حرمة بيعه وشرائه لأجل هذه الجهة ، وهذا خارج عن معقد البحث.
نعم يبقى ممّا توهّم منه عموم المنع من التكسّب هنا أمران :
أحدهما : الإجماع المنقول في تذكرة العلّامة حيث قال : «يشترط في المعقود عليه الطهارة الأصليّة فلو باع نجس العين كالخمر والميتة والخنزير لم يصحّ إجماعاً» (٣).
ويدفعه : منع اندراج المقام في معقد هذا الإجماع ، لظهور نجس العين في النجاسة العينيّة التابعة لذات الشيء وماهيّته ، ويؤكّده التمثيل بالثلاثة الّتي نجاستها ذاتيّة ، فيراد من الطهارة الأصليّة المشترط بها الطهارة الذاتيّة الّتي لا ينافيها النجاسة العرضيّة خصوصاً مع قبولها الزوال كما هو مفروض المقام.
وثانيهما : الإجماع المنقول في كلام ابن زهرة في الغنية حيث إنّه بعد ما ذكر «إنّ شرائط صحّة البيع ثبوت الولاية في المعقود عليه ، وأن يكون معلوماً مقدوراً على تسليمه ، منتفعاً به منفعة مباحة ... الخ قال ـ في بيان تفصيل الشروط المذكورة ـ : وقيّدنا
__________________
(١) مفتاح الكرامة ١٢ : ٣٨.
(٢) الجواهر ٢٢ : ١٢.
(٣) التذكرة ١٠ : ٢٥.