إجماع على عدم جواز البيع ، ونحن ننكر أصل الإجماع عليه ، ولقد عرفت إمكان تنزيل المشهور على المنع في الجهة المحرّمة ، ولا ينافيه استثناء الأدهان كما في عبارة الشرائع وغيره ، بل ربّما يكون شاهداً عليه لأنّ الوجه في استثناء الأدهان كون فائدة الاستصباح تحت السماء فائدة محلّلة مأذوناً فيها فيجوز بيعها في تلك الفائدة. فلو كان الأكل والشرب فيها وفي غيرها من أنواع المتنجّسات محلّلين أيضاً كفائدة الاستصباح في الأدهان لجاز البيع فيهما أيضاً بلا خلاف. ولعلّ عدم تعرّضهم لاستثناء سائر المائعات المتنجّسة الّتي منها المضاف لندرة فوائدها المباحة وعدم الاعتداد بشأنها في العرف والعادة. فما نقله الشهيد من نصّ الأصحاب بعدم الفرق إن أراد به إجماعهم عليه فغير مسلّم ، وإن أراد به نصّ بعضهم أو جماعة منهم فغير ضائر فيما ذكرنا.
تذنيبان :
أحدهما : يظهر ممّا بيّنّاه حكم الماء المتنجّس من بقاء ملكيّته السابقة وعدم انسلاخها بعروض النجاسة وجواز استعماله في الجهات الغير المتوقّفة على الطهارة من سقي الدوابّ والأشجار وعجن الحناء والأصباغ وما أشبه ذلك وجواز التكسّب به مطلقاً ، كلّ ذلك للأصل واستصحاب الحالة السابقة والعمومات في الأخير ، بل هذا أولى بالجواز لقبوله التطهير مع بقائه على صفة المائيّة بواسطة إلقاء الكرّ وغيره من مطهّرات الماء المتنجّس ، ولا أعرف خلافاً في شيء ممّا ذكر.
وثانيهما : أنّ من الأشياء ما يكون جامداً بالطبع ويعتريه الميعان كالذهب والفضّة والصفر والرصاص والشمع والقير وما أشبه ذلك ، وهي إذا تنجّست حال ميعانها ثمّ جمدت أو حال جمودها ثمّ ماعت ثمّ جمدت مثل المائع بالطبع إذا تنجّس كالمضاف في الأحكام المذكورة حتّى البيع والتكسّب بل هي أولى بالجواز لقبول ظاهرها التطهير ، ونحوها الصابون المتّخذ من المتنجّس إذا يبست ، بل هو أولى بالجواز من الأشياء المذكورة لقبول ظاهره وباطنه التطهير بعد التجفيف بوضعه في الكثير حتّى يرسب فيه الماء ويصل إلى أعماقه. ومنه يعلم الحال في العجين المتنجّس إذا جفّف أو خبّز وجفّف لقبوله التطهير بعد الجفاف بالطريق المذكور. وقد يدّعي السيرة في بيع