من الشرع ، وربّما يشهد له ما عن مجمع البيان من «أنّ الرجس القذر» (١) وقد يعبّر عن الحرام والفعل القبيح. ومعنى كونه من عمل الشيطان أنّ اختراع الخمر كان من الشيطان أو أنّ شربه ينشأ من وسوسته وتسويله.
وثانياً : أنّ في الآية قرينة تصرفه عن النجاسة الشرعيّة ، وهو عطف الميسر والأنصاب والأزلام على الخمر ، فإنّ الميسر عبارة عن آلة القمار كالنرد والشطرنج وغيرهما ، وفي حديث عن الباقر عليهالسلام «أنّه لمّا نزلت هذه الآية قيل : يا رسول الله ما الميسر؟ فقال : كلّ ما قومر عليه حتّى الكعاب والجوز ، قيل : فما الأنصاب؟ قال : ما ذبحوا لآلهتهم ، قيل : فما الأزلام؟ قال : قداحهم الّتي يستقسمون بها» (٢).
وقيل في تفسير الأنصاب : «إنّها الأصنام كانت منصوبة حول البيت يذبحون عليها ويعدّون ذلك قربة» (٣).
والأزلام «جمع زلم بالفتح أو الضمّ كجُمل وصُرد وهي قداح لا ريش لها ولا نصل» (٤) والقداح العشرة كانت معروفة في الجاهليّة ، وكانت نوعاً من آلة القمار ثمّة ، وقصّته معروفة مذكورة في كتب التفسير (٥) وورد بها رواية (٦) وظاهر أنّ النجاسة الشرعيّة لا تلائم شيئاً من ذلك ، فلا بدّ وأن يحمل على معنى يلائم الجميع وهو الخباثة المعنويّة ولو مجازاً.
وأمّا ما تقدّم نقله عن الشيخ في التهذيب «من كون الرجس هو النجس بلا خلاف» فلم أتحقّق معناه مع القرينة المذكورة ، فإن أراد به أنّ الرجس في الآية من حيث حمل على الخمر اريد منه النجس وإن كان من حيث حمل على البواقي اريد منه الخبيث ، فيبطله الاستعمال في معنيين وهو غير سائغ.
وإن أراد أنّه بحمله في الآية على كلّ من الخمر وتوابعه وهو متضمّن للإسناد ،
__________________
(١) مجمع البيان ٣ : ٤٧٨.
(٢) الوسائل ١٧ : ١٦٥ / ٤ ، ب ٣٥ ما يكتسب به ، التهذيب ٦ : ٣٧١ / ١٠٧٥.
(٣) مجمع البحرين ٣ : ٣١٦ (نصب).
(٤) مجمع البحرين ٢ : ٢٨٨ (زلم).
(٥) مجمع البيان ٣ : ٢٤٤.
(٦) تفسير عليّ بن إبراهيم ١ : ١٨١.