ثمّ اعلم أنّ ما يحرم المعاوضة عليه لتحريم ما قصد به ينقسم إلى ما قصد بوضعه واختراعه على النحو الخاصّ الحرام كآلات اللهو وهياكل العبادة وآلات القمار وما أشبه ذلك ، وما قصد المتعاقدان بالمعاوضة عليه المنفعة المحرّمة كبيع العنب أو الخشب ليعمل خمراً أو صنماً أو آلة لهو أو قمار ونحوه.
وقد يذكر قسم ثالث وهو ما من شأنه أن يقصد به الحرام واندراجه في العنوان مبنيّ على تعميم ما قصد به بالنسبة إلى الفعل والشأن ليكون تقدير العبارة ما قصد به فعلاً أو شأناً.
وعبّر في الشرائع (١) عن القسمين بما أفضى إلى المساعدة على محرّم كبيع السلاح لأعداء الدين وإجارة المساكن والسفن للمحرّمات وبيع العنب ليعمل خمراً وبيع الخشب ليعمل صنماً ، بناءً على كونه عطفاً على سابقه من آلات اللهو وهياكل العبادة المبتدعة وآلات القمار ليكون قسماً من عنوان ما يحرم لتحريم ما قصد به ، لا على أصل العنوان ليكون قسيماً له كما هو الظاهر ، وإلّا لوجب إفراده بعنوان آخر. فذكره في عداد أقسام العنوان المذكور لا إفراده بعنوان آخر قرينة واضحة على أنّه من الأقسام. والمساعدة المأخوذة في هذا القسم عبارة عن المعاونة ، والإفضاء إليه هو الانتهاء إليه ، وقيل : الإفضاء إلى الشيء الوصول إليه ، وهما متقابلان.
وقد يدخل في الوهم أنّ اعتبار الإفضاء وتوسيطه بين المعاوضة والمعاونة لا يجدي فائدة فيكون لغواً ، فإنّ بيع العنب ليعمل خمراً مثلاً والمعاوضة بقصد المنفعة المحرّمة بنفسه مساعدة على المحرّم فلا فائدة لتوسيط الإفضاء.
ويمكن دفعه بأنّ المعاونة على الشيء عنوان يصدق على إيجاد مقدّمة حرام الغير بشرط أن يقصد به توصّل الغير إلى الحرام ، مع ترتّب التوصّل إليه في الخارج عليه ، وبدون الشرطين معاً أو بدون الشرط الثاني لا يصدق عليه المعاونة ، وأوّل الشرطين حيث يتحقّق وإن قارن تحقّقه لإيجاد المقدّمة إلّا أنّ ثانيهما حيث يتحقّق فإنّما يتحقّق متراخياً عن زمان إيجادها فيكون صدق عنوان المعاونة حينئذٍ من حين إيجادها مراعى لتحقّقه.
__________________
(١) الشرائع ٢ : ١٠.