الثاني : هل يجوز دفعها إلى العشّار وغيره ممّن يأخذ الأموال بغير حقّ من الظلمة وحكّام الجور؟ أقربه ذلك ، وأحوطه الترك.
الثالث : أنّ محلّ الحرمة على ما عرفت ما لو وقعت المعاوضة عليه من غير أن يبيّن الحال لمن صار إليه ، ولكن مع علم البائع أو المنفق له بالحال ، فأمّا لو جهلا فلا حرمة جزماً لقبح تكليف الغافل ، وهل تقع فاسدة مع الحرمة ومع انتفائها؟ وجهان : من ظاهر النهي الكاشف عن عدم صلاحية هذه الدراهم بحسب الشرع للعوضيّة والمعوّضيّة ، ومن ظاهر بعض النصوص في كون الحرمة تكليفاً صرفاً غير مؤثّر في الفساد ، كخبر جعفر بن عيسى قال : «كتبت إلى أبي الحسن عليهالسلام ما تقول جعلت فداك في الدراهم الّتي أعلم أنّها لا تجوز بين المسلمين إلّا بوضيعة تصير إليّ من بعضهم بغير وضيعة بجهلي به ، وإنّما آخذه على أنّه جيّد أيجوز لي أن آخذه واخرجه من يدي على حدّ ما صار إليّ من قبلهم؟ فكتب : لا يحلّ ذلك ...» (١) الخ ، فإنّه لو فسدت المعاملة لأمره عليهالسلام بردّ الدراهم الصائرة إليه على صاحبه ، فتأمّل.
وقد يفصّل بأنّه إن وقع المعاوضة عليه بعنوان الدرهم المفروض انصراف إطلاقه إلى الصحيح المسكوك سكّة السلطان بطل البيع ، وإن وقعت المعاوضة على شخصه من دون عنوان فالظاهر صحّة البيع مع خيار العيب إن كانت المادّة مغشوشة ، وإن كان مجرّد تفاوت السكّة فهو خيار التدليس انتهى.
ولعلّ وجهه استظهار الفساد من النهي مع جعل مورده بمقتضى انسياق إطلاق نصوصه ما لو أخذت هذه الدراهم في المعاملة عوضاً أو معوّضاً بعنوان الدراهم المعمولة في المعاملات لا من حيث الخصوصيّة على حدّ ما يؤخذ فيها من سائر الأموال الغير المندرجة في عنوان الدراهم ، والأقوى عدم الفرق مع الصحّة منعاً لاقتضاء النهي هنا الفساد لعدم كشفه عن عدم صلاحيته العوضيّة والمعوّضيّة وإلّا لم يفرّق بين صورتي الجهل والعلم ولا بين حالتي بيان الحال وعدمه ، كما في الأعيان النجسة وآلات اللهو والقمار وهياكل العبادة المبتدعة.
__________________
(١) الوسائل ١٨ : ١٨٧ / ٨ ، ب ١٠ أبواب الصرف ، التهذيب ٧ : ١١٦ / ٥٠٦.