الخامسة : أن يقصده المشتري كذلك.
ويمكن تحريمه في جميع الصور كما ربّما يستشمّ من إطلاق بعض فتاوي الأصحاب وإن كان دعوى انصرافه إلى بعض الصور أو ما عدا الصورة الأخيرة غير بعيدة ، وهو في الجملة ممّا لم يوجد فيه خلاف ، وعن مجمع البرهان (١) نسبته إلى ظاهر الأصحاب مؤذناً بدعوى الإجماع ، بل صرّح به السيّد في الرياض (٢) حاكياً له عن المنتهى (٣).
ويدلّ عليه في الجملة عموماً قوله عليهالسلام في رواية التحف : «أو شيء فيه وجه من وجوه الفساد» بناءً على أنّ العبرة بعموم اللفظ لا خصوص المثال ، وأنّ المراد تحريم بيعه في وجه الفساد كما هو المتبادر ، أو أنّه معلوم بدليل من الخارج.
مضافاً إلى قاعدة حرمة الإعانة على الإثم ، لوضوح صدق الإعانة على البيع فيما عدا الصورة الأخيرة. والسرّ فيه أنّ الإعانة على الإثم عبارة عن إيجاد مقدّمة معصية إعانته عليها أو أن يتوصّل إليها مع تعقّبه بحصول التوصّل في الخارج ومعناه حصول المعصية المعان عليها ، ويندرج فيه البيع في جميع الصور الأربع على تقدير حصول عمل الخمر والصنم من المشتري ، وأمّا شمول النهي للبائع وتعلّق الحرمة به فمنوط بعلمه حين البيع بتعقّبه للعمل المذكور.
وإلى قاعدة وجوب النهي عن المنكر ، بتقريب أنّه عبارة عن الردع عن المعصية وهو جهة جامعة بين رفعها في المتشاغل بها ودفعها في العازم على التشاغل ، والبيع المذكور في الصور المذكورة حتّى الأخيرة منها لو علم البائع بأنّ المشتري يعمل الحرام في المبيع وإن لم يقصده ترك للردع عن المعصية بمعنى دفعها فيكون محرّماً.
وإلى قاعدة تحريم الأمر بالمنكر كالنهي عن المعروف على ما يستفاد من أدلّة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، بتقريب أنّ الأمر بالمنكر عبارة عن الحمل على المعصية ، والبيع المذكور حتّى في الصورة الأخيرة مع علم البائع بصدور العمل المحرّم من المشتري حمل له على المعصية فيكون محرّماً.
وإلى قاعدة وجوب اللطف بمعنى تقريب العبد إلى الطاعة وتبعيده عن المعصية ،
__________________
(١) مجمع البرهان ٨ : ٥١.
(٢) الرياض ٨ : ١٤٤.
(٣) المنتهى ٢ : ١٠١١.