والإيجاب المتعلّق بمطلق المنفعة أو خصوص المنفعة المحلّلة بانفراده غير مؤثّر لعدم كونه سبباً تامّاً ، بخلاف بيع العنب أو الخشب ، فإنّ وضع عقد البيع لنقل الأعيان وتمليكها وتملّكها وقد قصده البائع والمشتري ، فتوارد الإيجاب والقبول على عين يصحّ نقلها وانتقالها وتمليكها وتملّكها ، غاية الأمر أنّ المشتري قصد من تملّكها غاية محرّمة ، وقصد الغاية ليس من أركان العقد ولا من شروط صحّته فيلغو ، فالعقد بمجموع جزئيه ورد محلّه فيؤثّر أثره.
والكراهة إنّما هو للنصّ ، فما يستفاد من تضاعيف عبارات شيخنا قدسسره في الجواهر (١) من جعلهما من وادٍ واحد على وجه يظهر منه الجواز فيهما ليس على ما ينبغي ، وما حكاه من ظاهر التهذيب (٢) والمختلف (٣) وحواشي الشهيد (٤) والمسالك (٥) والروضة (٦) ونهاية (٧) الشيخ من حرمة الإجارة مع العلم في خصوص المساكن والحمولات في غاية المتانة.
ثمّ إنّه لو آجر نفسه أو دابّته لحمل الميتة ونحوها ممّا يحرم أكله أو شربه لمصلحة مأذون فيها كدفع أذاها عن الناس ، فيؤاجر لتبعيدها عنهم وطرحها في الصحراء أو المزبلة أو نحوها ينبغي القطع بجوازه ، لأنّه في الحقيقة إجارة في منفعة محلّلة ولرواية التحف كما قدّمنا نقله.
ولو جعل مورد الإجارة كلّ منفعة أو مطلق المنفعة لا بشرط بحيث دخل المحرّمة في جملته من جهة العموم أو الإطلاق ، لا ينبغي الإشكال في الجواز والصحّة فيه بالنسبة إلى المنافع المحلّلة المندرجة في العموم أو الإطلاق ، ولا يقدح فيهما عدم تأثيره في خصوص المنفعة المحرّمة ، وبالجملة يصرف الإجارة إلى خصوص المنافع المحلّلة ويصحّ للأصل والعمومات ، ولخصوص رواية ابن اذينة.
القسم الثالث : (٨) من الأقسام الثلاث المندرجة فيما يحرم التكسّب به لتحريم
__________________
(١) الجواهر ٢٢ : ٣١.
(٢) التهذيب ٦ : ٣٧٣.
(٣) المختلف ٥ : ٢٢.
(٤) حاشية الإرشاد : ٢٠٥ (مخطوط).
(٥) المسالك ٣ : ١٢٤.
(٦) الروضة ١ : ٣٠٩.
(٧) النهاية ٢ : ١٠٥.
(٨) تقدّم القسم الثاني في ص ١٥١.