المقصود بالبحث وهي ممنوعة ، وأقصى ما دلّت عليه الرواية بالبيان المتقدّم إنّما هو الفساد ، والمقصود إثبات التحريم ، والفساد لا يلازمه ، كما قيل عكسه في الاصول في منع دلالة النهي في المعاملات على الفساد بتقريب أنّ تحريم المعاملة لا ينافي الصحّة فلا يلازم الفساد وهاهنا أيضاً نقول : إنّ الفساد لا يلازم التحريم.
إلّا أن يقال بأنّ المراد به في محلّ البحث ما يعمّ الحرمة التشريعيّة ، فإنّ إجراء العقد الفاسد وإعمال المعاملة الفاسدة وترتيب الآثار عليها مع فرض الفساد تشريع فيكون محرّماً.
ويدفعه : ظهور كلماتهم بل صراحة جملة منها في إرادة الحرمة الشرعيّة ، وأقوى ما يشهد بذلك اقتصارهم في الحكم بالحرمة على أشياء مخصوصة كالأعيان النجسة وغيرها ممّا يذكر في هذا الباب ، فلو أنّ الحرمة المبحوث عنها أعمّ من الحرمة التشريعيّة لوجب طرد الحكم بجميع ما يفسد من المعاملات ولو في الأملاك والأموال المملوكة إذا كان فسادها للإخلال ببعض شروط الصحّة ممّا يرجع إلى الصيغة أو إلى أحد المتعاقدين أو أحد العوضين.
ويمكن التخلّص عن الإشكال بإثبات الملازمة بأحد الوجوه :
الأوّل : أن يقال : إنّ ثمن العين المحرّمة من لوازم بيع تلك العين ، وتحريمه في الرواية كناية عن تحريم ملزومه وهو البيع على معنى أنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم في قوله : «إنّ الله إذا حرّم شيئاً حرّم ثمنه» إنّما ذكر تحريم ثمن ما حرّمه الله تعالى لينتقل منه السامع إلى تحريم البيع الواقع عليه.
الثاني : أن يقال : إنّ سوق الرواية ظاهر في أنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم قصد ببيان تحريم ثمن الأعيان المحرّمة على الوجه الكلّي نصب قرينة عامّة على أنّ المراد من تحريم كلّ واحد من الأعيان المحرّمة ما يعمّ بيعها والتكسّب بها ، إمّا باعتبار أنّ تحريم العين راجع إلى جميع منافعها الّتي منها البيع والتكسّب ، أو باعتبار أنّه راجع إلى منافعها المقصودة الّتي منها البيع والتكسّب ، وأيّاً ما كان فالبيع والتكسّب بالأعيان النجسة داخل في التحريم ، والمقصود من الرواية بيان هذا المطلب ، ومرجعه إلى إعطاء ضابطة كلّيّة في الأعيان