ثمن الميتة حرام» ينساق منه في متفاهم العرف كون الحكم معلّقاً على الثمن من حيث هو ثمن وكونه ملازماً لانتفاء ملكيّته للبائع مع إمكان إثبات هذه الملازمة بالإجماع على أنّ حرمة التصرّف في الثمن إنّما هو لانتفاء الملكيّة ، كما ادّعى نظير الإجماع في قوله عليهالسلام : «اغسل ثوبك عن أبوال ما لا يؤكل لحمه» (١) على أنّ وجوب غسل الثوب عن الأبوال إنّما هو باعتبار النجاسة لا غير.
وقد يتوهّم ثبوتها بعموم «الناس مسلّطون على أموالهم» (٢) فإنّ ثمن الأعيان النجسة لو كان مالاً للبائع لتسلّط على التصرّف فيه. ولكنّه ضعيف لأنّ أقصى ما يثبت بذلك العموم إنّما هو الملازمة بين الملكيّة وتسلّط المالك على التصرّف ولا كلام فيها ، بل في الملازمة بين حرمة التصرّف وانتفاء الملكيّة وليست مستفادة من العموم ، فالوجه في إثباتها ما ذكرناه.
لا يقال : إنّ تحريم الثمن إنّما يلازم انتفاء الملكيّة إذا توجّه إلى جميع أنواع التصرّفات لا مطلقاً ، وهذا محلّ منع سنده ما تقدّم من انصراف إطلاق التحريم المضاف إلى العين إلى الجهة الغالبة المقصودة منها ، ومرجعه فيما نحن فيه إلى تحريم بعض التصرّفات في الثمن وهو لا يلازم انتفاء الملكيّة وإلّا انتفى الملك رأساً ، إذ ما من شيء في سلسلة الأموال إلّا وبعض التصرّفات فيه محرّم.
لأنّا نقول : إنّ القاعدة المذكورة إنّما تتمّ فيما كان له جهة غالبة مقصودة للعقلاء ، وأمّا ما تساوت جهات التصرّف فيه فالتحريم المتعلّق به يعمّ الجميع لشهادة العرف وقضاء دليل الحكمة بذلك ، والثمن بعنوان الثمنيّة خصوصاً إذا كان من أحد النقدين كما هو المتبادر منه ليس له جهة غالبة ينصرف إليه إطلاق التحريم فيعمّ جميع التصرّفات اللاحقة به. نعم إنّما المعضل إثبات الملازمة بين فساد المعاملة وتحريمها الّذي هو
__________________
(١) الوسائل ٣ : ٤٠٥ / ٢ ، ب ٨ أبواب النجاسات ، التهذيب ١ : ٤٢٠ / ١٣٢٩.
(٢) عوالي اللآلي ١ : ٢٢٢ / ٩٩.