والمقداد في التنقيح (١).
وأمّا الدلالة فقوله : «إنّ الله إذا حرّم شيئاً» ظاهر في تحريم العين لذاته لعنوانه الخاصّ بقول مطلق من غير تقييد له بجهة من الجهات العرضيّة ، كما لو قال : الخمر حرام أو الميتة حرام أو لحم الخنزير حرام وغير ذلك. والجملة تفيد الملازمة الكلّيّة بين تحريم الشيء على هذا الوجه وتحريم ثمنه في البيع والشراء ، بل قضيّة الشرطيّة سببيّة الأوّل للثاني وتحريم الثمن بإطلاقه ظاهر في تحريم جميع التصرّفات فيه ، ولا يكون ذلك إلّا لانتفاء الملكيّة بسبب عدم إفادة العقد دخوله في ملك البائع وعدم تأثيره في النقل والانتقال فكان فاسداً ، ولا جهة للفساد إلّا تحريم التجارة بما حرّمه الله تعالى بقول مطلق. ويندرج فيه الأعيان النجسة لأنّها أشياء حرّمها الله تعالى بقول مطلق فثبت حرمة التجارة بها.
والمناقشة فيها بمنع الملازمة بين حرمة التصرّف وانتفاء الملكيّة ، فكم من ملك يحرم لمالكه التصرّف فيه كالمفلّس المحجور عليه ، وتركة المديون مع استغراق الدين ـ على القول بانتقالها إلى الوارث ـ مع ممنوعيّته من التصرّف فيها حتّى يؤدّي الدين من ماله أو يضمن للدَيّان ، والعين إذا حلف الداخل من المتداعيين فيها بعد عجزهما عن البيّنة فإنّها قد تكون في الواقع للخارج مع عدم جواز التصرّف له ، والرهن بالنسبة إلى الراهن ، والخمر ولحم الخنزير للكفّار فإنّهم يملكونهما مع حرمة الشرب والأكل لهم بمقتضى كونهم مكلّفين بفروع هذه الشريعة إلى غير ذلك من الموارد.
يدفعها : أنّ انتفاء الملازمة بين حرمة التصرّف في مطلق الشيء وانتفاء الملكيّة وإن كان مسلّماً إلّا أنّ مبنى الاستدلال ليس على دعوى هذه الملازمة ، بل على الملازمة بين حرمة التصرّف في ثمن الشيء المحرّم من حيث هو ثمن وانتفاء ملكيّة ذلك الثمن ، ولا ريب في ثبوتها بمقتضى الانفهام العرفي من لفظ الرواية وما أشبهه ، فقوله عليهالسلام : «ثمن الخمر سحت» (٢) أو «ثمن الكلب سحت» (٣) ونحوه ما لو قيل : «ثمن الخمر أو
__________________
(١) التنقيح ٢ : ٥.
(٢) الوسائل ١٧ : ٩٤ / ٨ ، ب ٥ ما يكتسب به ، الفقيه ٣ : ١٠٥ / ٤٣٥.
(٣) الوسائل ١٧ : ١١٨ / ٢ ، ب ١٤ ما يكتسب به ، الكافي ٥ : ١٢٠ / ٤.