حيث كانوا في الجاهليّة يطيلونها حتّى تخطّ على الأرض وكان ذلك آية كبرهم ، إلّا أن يقال : بأنّه لا حاجة إلى الاستشهاد به ولا إلى جعل الرجز بمعنى النجس. بل يكفي اندراج النجس في الرجز بمعنى الخبيث كما تقدّم الحمل عليه عن عليّ بن إبراهيم ، فإنّ الأعيان النجسة أيضاً ممّا يستقبحه الطبع ولو بحسب طبع الشرع في بعضها.
وثانياً : أنّ هجران الرجز بمعنى النجس لعلّه معتبر في الصلاة أو في مطلق مشروط بالطهارة من المأكول والمشروب وغيرهما ، كما أنّ تطهير الثوب عن النجاسات معتبر في الصلاة وليس واجباً في غير حالها بضرورة من الدين ، وفي رواية عن الصادق عليهالسلام عن أمير المؤمنين عليهالسلام «اغسل الثياب يذهب الهمّ والغمّ ، وهو طهور للصلاة» (١) فلم يحصل الدلالة من الآية على تحريم التجارة.
وربّما استدلّ أيضاً بعدّة روايات عامّيّة :
منها : قوله عليهالسلام في حديث ابن عبّاس : «إنّ الله إذا حرّم شيئاً حرّم ثمنه» (٢) استدلّ بها السيّد في المصابيح (٣) على وجه الاعتماد ، ويظهر الاعتماد عليها عن جماعة (٤) من مشايخنا قدّس الله أرواحهم ، ولعلّه لما استفادوه من كونها متلقّاة بالقبول عند جميع الأصحاب أو معظمهم أو جماعة من معتبريهم فإنّ كلّاً ممّا ذكر جابر لضعف السند لإفادته ظنّ الصدور والوثوق به ، وإن كان الأوّل كثيراً ما يوجب القطع به إلّا أنّه في خصوص المقام غير معلوم ، كما أنّ الثاني أيضاً كذلك ، وأظهر الاحتمالات هو الثالث لأنّهم نسبوا إيراد الرواية والاستناد إليها إلى جماعة من معتبري أصحابنا كالشيخ وابن إدريس والعلّامة وابن فهد وابن [أبي] جمهور في الخلاف (٥) والمبسوط (٦) والسرائر (٧) والتذكرة (٨) والمهذّب (٩) والغوالي (١٠) وربّما اضيف إليهم أيضاً السيّد ابن زهرة في الغنية (١١)
__________________
(١) الوسائل ٥ : ٤١ / ٧ ، ب ٢٣ أحكام الملابس.
(٢) غوالي اللآلي ٢ : ١١٠ / ٣٠١ ، سنن الدارقطني ٣ : ٧ / ٢٠.
(٣) مصابيح الأحكام : ٥.
(٤) كما في الجواهر ٢٢ : ١١ ، المكاسب للشيخ ١٤ : ١٣.
(٥) الخلاف ٣ : ١٨٤.
(٦) لم نعثر عليه في المبسوط.
(٧) السرائر ٣ : ١١٣.
(٨) التذكرة ٢ : ٣٧٩.
(٩) المهذب ٤ : ٢٣٥. (١٠) الغوالي ٢ : ١١٠ / ٣٠١.
(١١) الغنية : ٢١٣.