وربّما نزّل إطلاق من أطلق بالنسبة إلى غير ذي روح وغيره على المقيّدة بذي الروح استناداً إلى التبادر.
وربّما نسب إلى جماعة دعوى اختصاص الصورة بذي الروح خلافاً للمجلسي (١) على ما حكي لتعميمه لها بالنسبة إلى القسمين ناسباً له إلى ظاهر الأصحاب.
ولا ينبغي أن يرجع هذا الاختلاف إلى وضع الصورة بحسب العرف أو اللغة ، إذ الظاهر من كلام أئمّة اللغة كونها لغة للأعمّ ، ولذا فسّرها في القاموس (٢) بـ «الشكل» وفسّر الشكل : «بالشبه والمثل ، ثمّ قال : وواحد الأشكال للُامور المختلفة المشكلة وصورة الشيء المحسوسة والمتوهّمة» (٣).
وقال الطريحي في المجمع «والصورة : عامّة في كلّ ما يصوّر مشبهاً بخلق الله من ذوات الروح وغيرها ، قاله في المغرب» (٤).
ولا يصحّ سلبها عرفاً عن صور الشجر وغيرها من الصور الغير الحيوانيّة ، نعم لا نضايق غلبة إطلاقها على الصور الحيوانيّة والتبادر المدّعى فيه نشأ من ذلك ، فلا ينافي الوضع للأعمّ.
فلا بدّ وأن يرجع إلى تشخيص موضوع الحكم إطلاقاً وتقييداً ، ولعلّ من يدّعي الاختصاص فهم ذلك من أدلّة الحكم ، أو أخذ بموجب التبادر الإطلاقي.
وعلى أيّ حال كان فنحن نتكلّم أوّلاً في حكم أخصّ الصور ـ وهو عمل الصورة المجسّمة من ذوات الروح ـ فنقول : لا إشكال في تحريمه بلا خلاف يظهر فتوى ونصّاً ، وقيل (٥) الإجماع بقسميه بل المنقول منه مستفيض ، للروايات المستفيضة.
كقوله في رواية تحف العقول : «وصنعة صنوف التصاوير ما لم يكن مثال الروحاني ... إلى أن قال : فحلال فعله وتعليمه والعمل به لنفسه أو لغيره» دلّ بمفهوم القيد على عدم الحلّ في عمل ما كان مثال الروحاني.
__________________
(١) البحار ٨٣ : ٢٤٣ ـ ٢٤٥ كتاب الصلاة في النهي عن الصلاة في الحرير.
(٢) القاموس ٢ : ٧٣. (صور).
(٣) القاموس ٣ : ٤٠١. (شكل).
(٤) مجمع البحرين ٢ : ٦٤٤. (صور).
(٥) كما في الجواهر ٢٢ : ٤١.