كالشيخين (١) والمتأخّرين (٢) كافّة. وهو الأقوى ، للأصل ، وعدم دليل على المنع في غير ذات الروح خصوصاً ولا عموماً ، بل الدليل على الجواز من جهة الأخبار موجود كصريح ما عرفت عن تحف العقول ، ويقرب منه في الصراحة ما في الموثّق كالصحيح المتقدّم في قوله تعالى : «يَعْمَلُونَ لَهُ ما يَشاءُ مِنْ مَحارِيبَ وَتَماثِيلَ» (٣) إلى آخره وصريح صحيحة محمّد بن مسلم المتقدّمة ، مضافاً إلى الصحيح أيضاً عن زرارة عن أبي جعفر عليهالسلام قال : «لا بأس بتماثيل الشجر» (٤) وإلى أخبار التكليف بنفخ الروح ، لأنّه من خصائص الحيوان فلا يتمشّى في الصور الغير الحيوانيّة.
وهل يتعدّى الحكم إلى المنقوشة من الصور الحيوانيّة أو لا؟ قولان ، أقواهما الأوّل وإن كان قد يستظهر من الأمر بنفخ الروح اختصاصه بالمجسّمة ، لأنّ نفخ الروح لا يكون إلّا في الجسم.
وردّ بأنّ النفخ يمكن تصوّره في النقش بملاحظة محلّه أو بملاحظة اللون الّذي هو في الحقيقة أجزاء لطيفة من الصبغ ، أو بدون اعتبار الجسميّة كما في أمر الإمام عليهالسلام الصورة الأسديّة المنقوشة على البساط بأخذ الساحر في مجلس الخليفة ، ويمكن أن يقال بملاحظة ما ذكرناه في توجيه التكليف بنفخ الروح مع كونه ممتنعاً فإنّه لا ينوط بالمقدوريّة ، وإذا كان نوعاً من التكليف الابتلائي يقصد به تشديد العذاب وتغليظ العقاب فلا ريب أنّه في غير المجسّمة أبلغ وآكد.
وبالجملة الأمر بنفخ الروح لا ينهض قرينة على الاختصاص ، ولو سلّم فغاية ما قضت به القرينة هو اختصاص التكليف بنفخ الروح بالمجسّمة ، وهذا لا ينافي كون المنقوشة أيضاً يعاقب على عملها ولا لتحريم عملها إذا قضت به نصوص المنع عموماً من جهة الإطلاق. ولا يجري هنا قاعدة حمل المطلق على المقيّد ، لعدم جريانها في المنفيّين من جهة عدم التنافي فيعمل بهما معاً.
__________________
(١) كما في المقنعة : ٥٨٧ ، النهاية ٢ : ٩٧.
(٢) كما في جامع المقاصد ٤ : ٢٣ ، مجمع البرهان ٨ : ٥٤ ، التنقيح ٢ : ١١ ، الكفاية : ٨٥.
(٣) سبأ : ١٣.
(٤) الوسائل ١٧ : ٢٩٦ / ٢ ، ب ٩٤ ما يكتسب به ، المحاسن : ٦١٩ / ٥٥.