والغوالي بحيث يحصل الظنّ والوثوق بصدورها ، كانت دليلاً على المطلب في الجملة لاختصاص موردها ببعض الأعيان النجسة وإلّا كانت مؤيّدة للدليل.
والعمدة في دليل المسألة الأخبار الإماميّة المأثورة من طرق أصحابنا الإماميّة ، والعمدة منها قوله عليهالسلام : «وأمّا وجوه الحرام من البيع والشراء ، فكلّ أمر يكون فيه الفساد ممّا هو منهيّ عنه من جهة أكله أو شربه أو كسبه أو نكاحه أو ملكه أو إمساكه أو هبته أو عاريته ، أو شيء يكون فيه وجه من وجوه الفساد ، نظير البيع بالربا أو البيع للميتة أو الدم أو لحم الخنزير أو لحوم السباع من صنوف سباع الوحش أو الطير أو جلودها أو الخمر أو شيء من وجوه النجس ، فهذا كلّه حرام ومحرّم ، لأنّ ذلك كلّه منهيّ عن أكله وشربه ولبسه وملكه وإمساكه والتقلّب فيه فجميع تقلّبه في ذلك حرام» (١) الخ. وهذا بعض من الرواية الطويلة رواها حسن بن علي بن شعبة في كتاب تحف العقول بحذف سندها لاشتهارها بين الأصحاب ومعروفيّة سندها عن الصادق عليهالسلام.
ولكن عن السيّد رحمهالله أنّه أوردها في رسالة المحكم والمتشابه (٢) نقلاً عن تفسير محمّد بن إبراهيم بن جعفر النعماني بإسناده عن أمير المؤمنين عليهالسلام.
وينبغي التكلّم في شرح متن الرواية وبيان تركيبها وإعرابها ليتميّز ما تضمّنه من أنواع البيع الحرام ، فإنّها متضمّنة لأنواع ثلاث يضبطها : أنّ البيع الحرام إمّا أن يكون بحيث نهى عنه لما فيه من وجه فساد ليس معه وجه صلاح ، أو يكون بحيث نهى عنه لوجه فساد فيه معه وجه صلاح أيضاً على معنى اشتماله على وجه فساد ووجه صلاح باعتبار اشتمال متعلّقه وهو المبيع على منفعة محرّمة ومنفعة محلّلة ، وعلى الأوّل فإمّا أن يكون بحيث نهى عنه أصالة من دون نهي في متعلّقه مع قطع النظر عنه ، أو يكون بحيث نهى عنه تبعاً للنهي عن متعلّقه.
وإذا عرفت ذلك فنقول : إنّ قوله : «وأمّا وجوه الحرام» أي عنوانات الحرام من البيع والشراء ، وكلمة «من» للتبيين متعلّقة بالحرام ، وحاصل معنى العبارة عنوانات البيع
__________________
(١) الوسائل ١٧ : ٨٣ / ١ ، ب ٢ ما يكتسب به ، تحف العقول : ٣٣١.
(٢) رسالة المحكم والمتشابه : ٤٦.