وخبر صفوان بن مهران الجمّال قال : «دخلت على أبي الحسن الأوّل عليهالسلام فقال لي : يا صفوان كلّ شيء منك حسن جميل ما خلا شيئاً واحداً ، قلت : جعلت فداك أيّ شيء؟ قال : إكراؤك جمالك من هذا الرجل ـ يعني هارون الرشيد ـ قلت : والله ما أكريته أشراً ولا بطراً ولا للصيد ولا للهو ولكنّي أكريته لهذا الطريق ـ يعني طريق مكّة ـ ولا أتولّاه بنفسي ، ولكن أبعث معه غلماني ، فقال لي : يا صفوان أيقع كراؤك عليهم؟ قلت : نعم جعلت فداك ، قال : فقال لي : أتحبّ بقاءهم حتّى يخرج كراءك؟ قلت : نعم ، قال : من أحبّ بقاءهم فهو منهم ، ومن كان منهم كان ورد النار ، قال صفوان : فذهبت فبعت جمالي عن آخرها فبلغ ذلك إلى هارون فدعاني ، فقال : يا صفوان بلغني أنّك بعت جمالك ، قلت : نعم ، قال : ولِمَ؟ قلت : أنا شيخ كبير ، وأنّ الغلمان لا يقومون بالأعمال ، فقال : هيهات هيهات إنّي لأعلم من أشار عليك بهذا ، أشار عليك بهذا موسى بن جعفر ، قلت : ما لي ولموسى بن جعفر؟ فقال : دع هذا عنك فو الله لو لا حسن صحبتك لقتلتك» (١).
وهذه الأخبار لعدم عامل بها وقصور أسانيدها مطروحة ، أو مؤوّلة فتارةً بالحمل على ما تضمّن من العمل المباح بالذات محرّماً من غصب أو استعمال آلة مغصوبة ونحو ذلك ، واخرى بالحمل على الكراهة كما يشهد له قوله عليهالسلام : «ما احبّ» في خبر ابن أبي يعفور المتقدّم ، هذا مع تطرّق المنع إلى دلالة بعضها كخبر الجمّال لقضائه بأنّ المرجوح بل المذموم بل الممنوع هو محبّة بقائهم لا نفس العمل لهم ، إلّا أن يكون العمل مقدّمة للمحبّة فليتدبّر.
__________________
(١) الوسائل ١٧ : ١٨٢ / ١٧ ، ب ٤٢ ما يكتسب به ، رجال الكشّي ٢ : ٧٤٠ / ٨٢٨.