«ومن اغتابه» الخ جملة مستأنفة غير معطوفة على الجزاء خلاف الظاهر.
وقضيّة ظاهر إطلاق الروايات المذكورة عدم اشتراط جواز غيبة المتجاهر بكونه لقصد غرض صحيح كما اعترف به بعض مشايخنا قال : «ولم أجد من قال باعتبار قصد الغرض الصحيح ، وهو ارتداعه عن المنكر ، نعم عن الشهيد الثاني (١) احتمال اعتبار قصد النهي عن المنكر في جواز سبّ المتجاهر ، مع اعترافه بأنّ ظاهر النصّ والفتوى عدمه» (٢) انتهى.
وفي جواز اغتياب المتجاهر بالفسق في غير ما تجاهر به أيضاً ـ كما جزم به بعض مشايخنا استناداً إلى الأصل وعموم الروايات ونسب إلى بعض الأساطين (٣) وعن الحدائق (٤) استظهاره من جملة من الأعيان ـ وعدمه كما عن الشهيدين (٥) قولان.
والحقّ بناء المسألة على أنّ مناط اغتياب المتجاهر هل هو أنّه لا يكره ذكر عيبه أو أنّ الشارع أسقط احترامه فلا حرمة له عنده حتّى يحرم اغتيابه؟ فالمتّجه على الأوّل وجوب الاقتصار على الفسق المتجاهر فيه لأنّ قضيّة كونه متستّراً في غيره أن يكون كارهاً لذكره بخلاف ما تجاهر فيه فإنّ من لا يبالي بظهور عيبه لا يكره ذكره ، وعلى الثاني جواز التعدّي إلى غيره ، وظاهر أكثر الروايات المتقدّمة هو الثاني ، فالأقوى الأظهر القول الثاني وإن كان الأحوط هو الأوّل.
وعلى هذا القول فقد يقال : ينبغي إلحاق ما يتستّر به بما يتجاهر فيه إذا كان دونه في القبح ، فمن تجاهر باللواط جاز اغتيابه بالتعرّض للنساء الأجانب ، ومن تجاهر بقطع الطرق جاز اغتيابه بالسرقة ، ومن تجاهر بكونه جلّاد السلطان يقتل الناس وينكّلهم جاز اغتيابه بشرب الخمر ، ومن تجاهر بالقبائح المعروفة جاز اغتيابه بكلّ قبيح دونها ، ولعلّ هذا هو المراد بـ «من ألقى جلباب الحياء» لا من تجاهر بمعصية خاصّة وعُدّ مستوراً بالنسبة إلى غيرها كبعض عمّال الظلمة (٦).
أقول : وجه الإلحاق غير واضح ، ولعلّه الأولويّة بالقياس إلى كراهة المغتاب فمن
__________________
(١) الروضة ٩ : ١٧٥.
(٢) المكاسب ١ : ٣٤٥.
(٣) صرّح به كاشف الغطاء في شرحه على القواعد ١ : ٢٢٨.
(٤) الحدائق ١٨ : ١٦٦.
(٥) كشف الريبة : ٧٩ ، القواعد والفوائد ٢ : ١٤٨.
(٦) المكاسب ١ : ٣٤٥ ـ ٣٤٦.