بظهوره بين الناس ، واللازم من ذلك أن لا يكون كارهاً لذكره بذلك الفسق المتجاهر فيه ، وربّما يخرج من موضوع الغيبة أيضاً بهذا الاعتبار لما عرفت من اعتبار الكراهة في مفهومها.
والدليل على انتفاء الحرمة في غيبته عدّة من الروايات الّتي منها الصحيحة والموثّقة المتقدّمتان ، بناءً على دلالتهما بالمفهوم على نفي تحريم الغيبة لعدم كونه إلّا في المتجاهر.
ورواية هارون الجهم المرويّة عن مجالس الصدوق الموصوفة في المستند [بالصحيحة] «إذا جاهر الفاسق بفسقه فلا حرمة له ولا غيبة» (١).
ورواية أبي البختري «ثلاثة ليس لهم حرمة صاحبة هوى مبتدع ، والإمام الجائر ، والفاسق المعلن بفسقه» (٢).
والمرويّ عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم «إنّه قال : من ألقى جلباب الحياء عن وجهه فلا غيبة له» (٣) أي لا حرمة لغيبته ، ويمكن كونه لنفي الحقيقة بناءً على ما تقدّم من أحد الوجهين. والجلباب الثوب الواسع الساتر لمعظم البدن ، وإضافته إلى الحياء للبيان ، واستعير عن الحياء بالثوب الواسع لأنّه يستر معائب الإنسان كما يستر الثوب البدن ، فيكون إلقاء الحياء عن الوجه كناية عن الإجهار في الفسوق والإعلان في ارتكاب القبائح.
واستدلّ أيضاً بما روي عن المحاسن عن صالح بن علقمة عن أبيه عن الصادق عليهالسلام في حديث «فمن لم تره بعينيك يرتكب ذنباً ولم يشهد عليه شاهدان ، فهو من أهل العدالة والستر وشهادته مقبولة وإن كان في نفسه مذنباً ، ومن اغتابه بما فيه فهو خارج عن ولاية الله تعالى داخل في ولاية الشيطان ...» (٤) الخ دلّ على ترتّب حرمة الاغتياب وقبول الشهادة على كونه من أهل الستر وكونه من أهل العدالة على طريق اللفّ والنشر ، أو على اشتراط الكلّ بكون الرجل غير مرئيّ منه الذنب ولا مشهوداً عليه به ، ومقتضى المفهوم جواز الاغتياب مع عدم الشرط خرج منه غير المتجاهر. وكون قوله :
__________________
(١) الوسائل ١٢ : ٢٧٩ / ٢ ، ب ١٥٤ أحكام العشرة ، أمالي الصدوق : ٤٢ / ٧.
(٢) الوسائل ١٢ : ٢٧٩ / ٥ ، ب ١٥٤ أحكام العشرة ، قرب الإسناد : ٨٢.
(٣) مستدرك الوسائل ٩ : ١٢٩ / ٣ ، ب ١٣٤ أحكام العشرة ، الاختصاص : ٢٤٢.
(٤) الوسائل ١٢ : ٢٨٥ / ٢٠ ، ب ١٥٢ أحكام العشرة ، أمالي الصدوق : ٩١ / ٣.