على ما وصفه شيخنا «لا زلت مظلوماً منذ ولدتني امّي حتّى أنّ عقيلاً كان يرمد فيريدون أن يذرّوه ، فقال : لا تذرّوني حتّى تذرّوا عليّاً فيذرّوني وما كان بي رمد ...» (١) الحديث. وجه الدلالة أنّه عليهالسلام تظلّم عن عقيل أو عن أبويه بما كانوا يصنعون فيه من الّذي بدون رمد الّذي لا يستريب أحد في كونه ظلماً ، ولم يكن في موضع رجاء الإزالة لأنّ الظلم قد وقع وانصرم زمانه ولم يكن عقيل وأبواه حين إذ تظلّم موجودين فلم يمكن تدارك ظلمه ، وفعل المعصوم حجّة ، فلولا التظلّم خصوصاً في موضع عدم رجاء إزالة المظلمة [جائزاً] لما أقدم عليه.
ومنها : ما روي عن زوجة أبي سفيان حيث شكت عنه إلى النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وقالت : إنّ أبا سفيان رجل شحيح لا يعطيني وولدي ما يكفيني ، آخذ من ماله ما يكفيني وولدي؟ قال صلىاللهعليهوآلهوسلم : «خذي لك ولولدك ما يكفيك بالمعروف» (٢) وهذا تظلّم وذكر للعيب ويدلّ على جواز تقريره صلىاللهعليهوآلهوسلم. وردّ بخروجه عن محلّ الغيبة ، لأنّ أبا سفيان لم يكن في الواقع مسلماً ، ويؤيّده ذكرها عيبه الآخر الخارج عن ظلمه.
ومنها : النبويّ «مطل الواجد ظلم» (٣) ويزيّفه أنّه ينهض دليلاً على إحراز الصغرى في موضع عدم الحاجة إليها فإنّ كون المطل من الواجد ظلماً مع وضوحه ليس من محلّ البحث الّذي هو عبارة عن ذكر الظلم الواقع في الخارج على المظلوم عند الغير ، نعم يتمّ الاستدلال بانضمام ما روي أيضاً من «أنّ مطل الواجد يحلّ عقوبته وعرضه» (٤) كما نقله الشهيد رحمهالله والمعروف مكان «المطل» ليّ (٥) الواجد (٦).
ومنها : ما تقدّم في مسألة المتجاهر في رواية أبي البختري من قوله : «والإمام الجائر» فإنّ إسقاط حرمته المجوّزة للغيبة ليس لكونه متجاهراً وإلّا بطل مقابلته للفاسق المعلن بفسقه بل من حيث جوره وهو الظلم ، وإسقاط حرمته كناية عن ذكره بظلمه ، وربّما ايّد الحكم بأنّ في منع المظلوم من هذا الّذي هو نوع من التشفّي حرجاً
__________________
(١) الوسائل ١٢ : ١٢٣ / ١٠ ، ب ٨٥ أحكام العشرة ، علل الشرائع : ٤٤ / ٣.
(٢) المستدرك ٩ : ١٢٩ ، عوالي اللآلي ١ : ٤٠٢ / ٥٩.
(٣) البحار ٧٢ : ٢٣١.
(٤) المستدرك ١٣ : ٣٩٧ ، عوالي اللآلئ ٤ : ٧٢ / ٤٤.
(٥) الليّ : مطل الدين (القاموس ٤ : ٣٩٠).
(٦) الوسائل ١٨ : ٣٣٣ / ٤ ، ب ٨ أبواب الدين والقرض ، أمالي الطوسي ٢ : ١٣٤.