نُصْحِي إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ إِنْ كانَ اللهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ» (١) وبمعناه النصيحة ، ولا يخالفه ما في المجمع من «أنّ أصل النصيحة الخلوص يقال : نصحته ونصحت» (٢) ونحوه ما في الأساس (٣) والغريبين (٤) ، وعن الصحاح (٥) أيضاً ، والمراد به هنا أن يخلص المؤمن رأيه في مصلحة أخيه المؤمن عن شوب الخيانة على معنى أن يريه ما يراه مصلحة أو مفسدة في أمره من غير خيانة لأنّه في حاصل المعنى يرجع إلى المعنى المذكور بل هو عينه.
ويدلّ على جواز الغيبة في مقام نصح المستشير بالخصوص الصحيح المرويّ عن محاسن البرقي عن ابن محبوب عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : «أتى رجل أمير المؤمنين عليهالسلام فقال له : جئتك مستشيراً أنّ الحسن عليهالسلام والحسين عليهالسلام وعبد الله ابن جعفر خطبوا إليّ ، فقال أمير المؤمنين عليهالسلام : المستشار مؤتمن أمّا الحسن فإنّه مطلاق للنساء ، ولكن زوّجها الحسين فإنّه خير لابنتك» (٦) وقوله عليهالسلام : «المستشار مؤتمن» يعطي ضابطة كلّيّة تجري في جميع موارد الاستشارة وهي كون المستشار أميناً يجب عليه ردّ الأمانة من غير خيانة ، على معنى بيان ما يراه مصلحة المستشير ومفسدته ولا يخون في رأيه ، وفعل الإمام عليهالسلام حجّة فيدلّ على جواز النصح وإن تضمّن ذكر سوء مؤمن آخر على قدر ما يتوقّف عليه النصح.
ونحوه في الدلالة عليه باعتبار فعل المعصوم النبويّ المرويّ مرسلاً «من قول النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم لفاطمة بنت قيس لمّا شاورته في خطابها معاوية صعلوك لا مال له ، وأبو الجهم لا يضع العصى عن عاتقه» (٧).
وإطلاق صحيح حسين بن عمر بن يزيد عن أبيه عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : «من استشار أخاه فلم ينصحه محض الرأي سلبه الله عزوجل رأيه» (٨) وفي سند آخر عن الكليني فيه إرسال عنه عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : «من استشار أخاه فلم يمحضه محض
__________________
(١) هود : ٣٤.
(٢) مجمع البحرين ٤ : ٣١٨.
(٣) الأساس : ٤٥٨.
(٤) الغريبين ٦ : ١٨٤٦ (نصح).
(٥) الصحاح ١ : ٤١١.
(٦) الوسائل ١٢ : ٤٣ / ١ ، ب ٢٣ أحكام العشرة ، المحاسن : ٦٠١ / ٢٠.
(٧) مستدرك الوسائل ٩ : ١٢٩ / ٥ ، ب ١٣٤ أحكام العشرة ، عوالي اللآلي ١ : ٤٣٨ / ١٥٥.
(٨) الوسائل ١٢ : ٤٤ / ٢ ، ب ٢٣ أحكام العشرة ، المحاسن : ٦٠٢ / ٢٧.