وهل يعتبر سبق الدعوى عند الحاكم من مدّعي مخصوص ليشهد الشاهد على طبقها ولو تبرّعاً؟ الظاهر العدم ، لظهور الإجماع من كلامهم في المسألة المشار إليها ، حيث علّلوا المشهور في قبول الشهادة التبرّعيّة بأنّها في حقوق الله والمصالح العامّة لا مدّعي لها ، فلو لم تقبل فيها شهادة المتبرّع لأدّى ذلك إلى سقوطها.
واجيب بما يرجع حاصله إلى منع بطلان التالي ، وهذا يدلّ على أنّ جواز هذه الشهادة من دون سبق الدعوى مفروغ عنه عندهم متسالم فيه لديهم ، ولو علم بأنّ شهادته لا تقبل لفسقه أو عدم عدل آخر يستكمل به البيّنة أو تطرّق التهمة إليه أو جهة اخرى لم يجز له الشهادة حينئذٍ عملاً بعموم حرمة الغيبة وإشاعة الفاحشة من دليل مخرج مع عدم ترتّب الفائدة المقصودة من الشهادة.
وهل العلم بالقبول شرط أو العلم بعدمه مانع ويظهر الفائدة في صورة احتمال القبول لاحتمال حصول العلم للحاكم بشهادته مع فسقه أو بانفراده من جهة القرائن أو حصول ما يتمّ به البيّنة فيما بعد؟ وجهان : من الأخذ بالقدر المتيقّن ممّا خرج من أدلّة الحرمة ، ومن الإجماع والسيرة في أداء الشهادة مع الاحتمال مساوياً أو راجحاً أو مرجوحاً. وهو الوجه ، ولكنّه فيما لم يجامع عنوان الغيبة حيثيّة اخرى كالقذف في الزنى مثلاً ، وإلّا وجب الاقتصار على صورة العلم بالقبول المتوقّف على استكمال عدد الأربع بشروطها المقرّرة في محلّه الّتي منها تواردهم دفعة واحدة ووحدة زمان المشهود به ومكانه وعدم نكول بعضهم ، فلو نقص العدد أو اختلّ بعض الشروط لم يجز الشهادة لكونه من القذف المحرّم ، ولذا يحدّ الشاهد حينئذٍ نظراً إلى أنّ الحدّ عقوبة وهي فرع على تحقّق المعصية.
ثمّ إنّه يلحق بالشهادة لإقامة الحدود الشهادة بشرب الخمر وغيره من الفسوق الكبائر لإقامة الأمر بالمعروف أو النهي عن المنكر ممّن لا يتمكّن من القيام بهما بنفسه ، أو يخاف على نفسه الضرر ، أو يقطع بأنّ قوله لا يؤثّر في الارتداع والانتهاء ، فيظهر الواقعة لمن يتمكّن من ذلك ـ من حكّام الشرع أو حكّام الجور أو غيرهم من المقتدرين وأرباب الاستيلاء ـ للسيرة القطعيّة وعموم أدلّة وجوبهما ، نظراً إلى أنّه من