شُهَداءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمانِينَ جَلْدَةً» (١) الآية يدلّ بالالتزام دلالة صريحة على جواز الشهادة بالزنى ونحوه قوله تعالى «لَوْ لا جاؤُ عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَداءِ فَأُولئِكَ عِنْدَ اللهِ هُمُ الْكاذِبُونَ» (٢).
وهل يعتبر في محلّ الاستثناء استدعاء الشهادة من الشاهد فلا يجوز التبرّع بها لكونها غيبة لم يثبت خروجها عن عموم التحريم أو لا؟ فالشهادة التبرّعيّة أيضاً جائزة ، ولم نقف على كلام لهم صريح في أحد الوجهين ، غير أنّه يمكن استظهار الإجماع على عدم اشتراط الاستدعاء وجواز التبرّع بها من كلماتهم في مواضع اخر ، مثل ما في الشهادات في مسألة أنّ التبرّع بالشهادة في حقوق الله تعالى هل يمنع القبول كما عن الشيخ في النهاية (٣) أو لا؟ كما هو المشهور شهرة عظيمة.
ومستند القول بالمنع تطرّق التهمة المانعة من القبول كما في حقوق الآدميّين ، وعن الصيمري (٤) دفعه «بأنّ العدالة تدفع التهمة» وردّه السيّد في الرياض بمنع دفع العدالة التهمة مستنداً إلى «أنّه قد أطبق هو وسائر الأصحاب على اجتماعها معها ، ولذا عدّوا التهمة من موانع قبول الشهادة زيادة على الفسق المقابل للعدالة ، فلو أوجبت التهمة فسقاً لما كان لعدّهم إيّاها من الموانع في مقابلة الفسق وجه» (٥) انتهى.
فإنّ مصير المعظم إلى عدم منع التبرّع القبول ، وكلام الصيمري في منع تطرّق التهمة تعليلاً بأنّ «العدالة المعتبرة في الشاهد تدفعها» وما عرفت من ردّه من عدم كون التهمة قادحة في العدالة وما نسب إليه وسائر الأصحاب من الإطباق على اجتماع العدالة معها يعطي إجماعهم على عدم كون أصل التبرّع بالشهادة على شرب الخمر وغيره من الفسوق الكبائر من غير جهة التهمة لا يوجب الفسق ولا يقدح في العدالة وإلّا لوجب ردّها من هذه الجهة لا من جهة التهمة ، ولا يتمّ ذلك إلّا على تقدير كون الشهادة التبرّعيّة مع كونها من الغيبة وإشاعة الفاحشة جائزة مخرجة من عموم أدلّة تحريمها هذا ، مضافاً إلى قضاء السيرة بذلك أيضاً.
__________________
(١) النور : ٤.
(٢) النور : ١٣.
(٣) النهاية : ٣٣٠.
(٤) غاية المرام ٤ : ٢٨٤.
(٥) الرياض ١٥ : ٣٢٥.