ومنها : ما عن إيضاح فخر المحقّقين «أنّه استحداث الخوارق إمّا بمجرّد التأثيرات النفسانيّة وهو السحر ، أو بالاستعانة بالفلكيّات فقط وهو دعوات الكواكب ، أو بتمزيج القوى السماويّة بالقوى الأرضيّة وهو الطلسمات ، أو على سبيل الاستعانة بالأرواح الساذجة وهو العزائم ويدخل فيه النيرنجات ، والكلّ حرام في شريعة الإسلام ومستحلّه كافر. أمّا ما كان على سبيل الاستعانة بخواصّ الأجسام السفليّة فهو علم الخواصّ ، أو الاستعانة بالنِسب الرياضيّة فهو علم الحيل وجرّ الأثقال ، وهذان ليسا من السحر» (١) انتهى. قيل : وقد أدخلهما غيره في السحر ، وقضيّة كلامه بالقياس إلى الأنواع الأربعة الّتي جعلها من السحر أنّ السحر اسم عامّ يطلق على الجميع ، وأنّ لكلّ واحد ممّا عدا النوع الأوّل أيضاً اسماً خاصّاً به كدعوات الكواكب والطلسمات والعزائم الّتي يدخل فيها النيرنجات.
ومنها : ما عن القواعد (٢) والتحرير (٣) للعلّامة «أنّه كلام يتكلّم به أو يكتبه أو رُقْيَة أو يعمل شيئاً يؤثّر في بدن المسحور أو قلبه أو عقله من غير مباشرة» قيل ونحوه ما في المنتهى (٤) ولكن بزيادة «أو عقد».
ومن جهات اختلاف هذه العبارات أنّ في عبارة المسالك اعتبار الضرر على الغير وهو المسحور وغيره خالٍ عن هذا القيد فيكون (٥) إلّا أن يحمل التأثير في عبارة القواعد والتحرير على خصوص الإضرار فيوافق المسالك من هذه الجهة.
وربّما يكون ما في الدروس أخصّ من غيره حيث ذكر «ويحرم الكهانة والسحر بالكلام ...» الخ لظهوره في بيان موضوع التحريم لا مفهوم اللفظ من حيث هو ، خصوصاً مع أنّ الأصل في القيود الاحتراز ، وقد قيّد السحر المحرّم بكونه بالكلام إلى آخره فيدلّ على أنّ هنا سحراً بغير الكلام إلّا أنّه ليس بمحرّم.
ويشكل الجميع بعدم التعرّض فيها لبيان أصل مفهوم لفظ «السحر» بل هي بيانات لأنواعه وموارد إطلاق لفظه ، نعم ما في عبارة الإيضاح من أنّه استحداث الخوارق يفيد المفهوم في الجملة ، إلّا أنّه يرد عليه عدم الفرق حينئذٍ بين السحر والمعجزة وهو بديهيّ
__________________
(١) ايضاح الفوائد ١ : ٤٠٥.
(٢) القواعد ٢ : ٩.
(٣) التحرير ١ : ١٦١.
(٤) المنتهى ٢ : ١٠١٤.
(٥) كذا في الأصل.