وقيل بأنّه لا تأثير له إلّا في التفريق بين المرء وزوجه وإلقاء البغضاء بينهما ، وهذا نقله في المجمع (١) عن بعضهم. وقيل بأنّه لا يؤثّر إلّا في استخدام الجانّ واستحضارهم. وقد يستظهر من فخر المحقّقين الفرق بين دعوى الكواكب فلا أصل له وغيره حيث قال : «اختلف علماؤنا فيما عدا دعوة الكواكب» (٢) وفيه نظر ، وقضيّة كلامه عدم كون القول الأوّل على وجه الإطلاق المنحلّ إلى الإيجاب الكلّي.
والمختار وفاقاً لبعض مشايخنا (٣) أنّ له حقيقة في الجملة على وجه الإيجاب الجزئي ، ودليله شهادة الوجدان والمشاهدة والحسّ والعيان بتأثير جملة من أنواعه فيما قصد منه من الآثار وتأثّر المسحور منه وظهور آثاره فيه ، كما في المصاب يستحضر لاستعلاجه الجانّ ، وفي عقد اللسان وعقد الرجل على امرأته ، والتفريق فيما بين المرء وزوجه ، أو التحبيب فيما بينهما ، وإلقاء العداوة والبغضاء بين المتحاببين المتصافيين ، وصرف القلوب المؤتلفة بعضها عن بعض ، وجذب القلوب المتنافرة بعضها إلى بعض ونحو ذلك. وإلى جميع ما ذكر أشار ثاني الشهيدين في المسالك بدعوى «وجدان أثره في كثير من الناس على الحقيقة ... إلى أن قال : وإحضار الجانّ وشبه ذلك فإنّه أمر معلوم لا يتوجّه دفعه».
وتوهّم : أنّ هذا كلّه تأثير من الوهم فإنّه قد يكون مؤثّراً في النفوس كالمشي على جذع ملقى طرفاه على رأسي جدارين عاليين وعلى جذع آخر ملقى على وجه الأرض ، فإنّ الوهم في الأوّل يؤثّر اضطراب القلب ومخافة السقوط ، وربّما يسقط إلى الأرض بخلاف الثاني ، وكذلك من كان في ليلة مظلمة عند ميّت مع علمه بأنّه جماد لا ينشأ منه شيء ، ومع ذلك يطرؤه الخوف والخشية حتّى ربّما يأخذه الغشوة بل ربّما يبلغه خوفه بالهلاك ، وليس ذلك كلّه إلّا من تأثيرات الوهم ، وهكذا يقال في الآثار الغريبة الظاهرة من فنون السحر المعهودة عند أهله.
يدفعه : ما أشار إليه في المسالك من «أنّ هذا إنّما يتمّ لو سبق للقابل علم بوقوعه ، ونحن نجد أثره فيمن لا يشعر به أصلاً حتّى يضرّ به» (٤) هذا مع أنّ الأمر في تأثير
__________________
(١) مجمع الفائدة ٨ : ٧٨.
(٢) إيضاح الفوائد ١ : ٤٠٥.
(٣) الجواهر ٢٢ : ٨٧.
(٤) المسالك ٣ : ١٢٨.