أيضاً فليتدبّر.
وممّا حقّقناه يظهر حقيقة الحال في باطل السحر المتداول في الألسنة يريدون به ما يبطل السحر ، فإن كان بطريق مشروع كالاستعانة بالقرآن أو الدعاء والتعويذ فلا إشكال في جوازه ، وإن كان بطريق السحر فالوجه عدم الجواز عملاً بعموم قاعدة تحريم السحر مع عدم المخرج.
وأمّا في مقام دفع المتنبّئ فالحق فيه أيضاً مع المانعين ، سواءً رجع قول المجوّزين إلى تجويز مجرّد تعلّم السحر لكفايته في الدفع أو إليه مع علمه أيضاً ، وذلك لأنّ المتنبّئ إمّا أن يظهر في عصر النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أو فيما بعده ، وعلى الثاني فإمّا أن يكون ظهوره في زمن حضور إمام العصر أو في غيبته.
أمّا الصورة الاولى : مع أنّ استعلام حكم أهل عصر النبيّ لا يثمر في حقّنا ، فدفع المتنبّئ من وظائف النبيّ لا الرعيّة وهو أقدر على دفعه بغير السحر من الرعيّة في دفعهم بطريق السحر ، ومع ذلك فأيّ حاجة للرعيّة إلى تعلّمه أو عمله.
وأمّا الصورة الثانية : فمع أنّ التكلّم في حكم أهل زمن الحضور غير مفيد ، يظهر حكمها ممّا مرّ ، فإنّ دفع المتنبّئ من وظائفه وهو أقدر على دفعه بغير طريق السحر من الرعيّة في دفعهم بطريق السحر.
وأمّا الصورة الثالثة : فلعدم الحاجة في إظهار كذبه وإظهار كون ما أتى به من خارق العادة سحراً إلى تعلّم السحر ولا إلى عمله ، لكون كلّ من الأمرين معلوماً بالضرورة من دين الإسلام ، على أنّه لا نبيّ بعد نبيّنا صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى قيام الساعة مع شهادة الكتاب العزيز والسنّة القطعيّة بذلك.
مع أنّ الّذي أوجبه الله سبحانه على الرعيّة في دفعه إنّما هو تكذيبه بلا توقّف بل قتله بلا مهلة ، ومع ذلك فأيّ دليل من العقل والنقل دلّ على جواز تعلّم السحر لدفعه فضلاً عن وجوبه وعن جواز عمله أو وجوبه.
ولو خيف على ضعفاء العقول المتردّدين إليه المستمعين لكلامه الناظرين في سحره من الضلال ، فطريق حفظهم الّذي أوجبه الله تعالى على العلماء إنّما هو منعهم عن التردّد إليه وردعهم عن الاستماع لكلامه والنظر في سحره من باب النهي عن المنكر