رسالة منفردة لنا في تأسيس هذه القاعدة نفي الحكم الضرري أعني مجعوليّة حكم أدّى إلى ضرر المكلّف بحيث استند الضرر إلى الشارع باعتبار جعل ذلك الحكم وهذا كصوم نهار رمضان فيمن يضرّه الصوم فإنّه لو كان واجباً لأدّى وجوبه إلى ضرر المكلّف والقاعدة تنفيه.
لا يقال : لِمَ لا يجوز أن يكون مستند الجواز فيما نحن فيه أيضاً هذه القاعدة؟ لمنع جريانها أيضاً فيما نحن فيه ، فإنّ ضرر السحر الّذي وقع على المسحور في مسألة الرفع أو الّذي يتوقّع وقوعه عليه في مسألة الدفع يستند إلى فاعل السحر سواء حرم على المسحور إعمال السحر لرفعه أو دفعه أو لا ، فلا يكون حرمته المجعولة من الحكم الضرري بالمعنى الّذي ينفيه القاعدة.
فإن قلت : لا إشكال في أنّ استعمال السحر من المسحور في مسألة الدفع مانع من حدوث ضرر سحر الغير ، وعدمه مستند إلى منع الشارع منه ، وحدوث الضرر يستند إلى عدمه ، فيستند إلى منع الشارع وهو في مسألة الرفع رافع لضرر السحر الواقع عليه ، وبقاؤه يستند إلى عدمه المستند إلى منع الشارع أيضاً فيستند إليه البقاء ، فيكون المنع حكماً ضرريّاً فينفى بموجب القاعدة لئلّا يتضرّر المسحور بالحدوث أو البقاء.
قلت : لا كلام في أنّ عدم المانع من أجزاء العلّة التامّة للحدوث ، ولا في أنّ عدم الرافع من أجزاء العلّة التامّة للبقاء ، وقضيّة كونهما من أجزاء العلّة التامّة أن يكون لهما مدخليّة ما في حدوث الضرر أو بقائه ، ولكن مجرّد هذه المدخليّة لا تكفي في استناد الضرر حدوثاً أو بقاءً إلى الشارع في نظر العرف الّذي هو مناط جريان قاعدة نفي الضرر ، لأنّ الشيء في نظر العرف يستند إمّا إلى العلّة التامّة أو الجزء الأخير منها أو ما هو العمدة من أجزاء العلّة ، ولا ريب أنّ العمدة من أجزاء علّة الحدوث أو البقاء هنا إنّما هو فعل الساحر لا عدم المانع ولا عدم الرافع ، فيستند إليه الضرر في نظر العرف حدوثاً وبقاءً لا إلى الشارع حيث جعل الحرمة لاستعمال السحر على المسحور في مقام التوقّي هذا.
مضافاً إلى أنّه يكفي في نفي الشارع لاستناد الضرر حدوثاً أو بقاءً إليه أنّه حرّم السحر على الساحر فإذا عصى الساحر بفعله السحر المحرّم عليه لم يوجب ذلك صحّة استناد ضرر سحره عرفاً إلى الشارع باعتبار أنّه حرّم استعمال السحر على المسحور