تعداد الكبائر أيضاً عن الفضل عن الرضا عليهالسلام قال عليهالسلام ـ في جملة ذلك ـ : «والاشتغال بالملاهي» (١) والجمع المعرّف عامّ والشعبذة من أعظم الملاهي.
ويمكن الاستدلال عليه أيضاً بما في رواية تحف العقول من قوله عليهالسلام : «وكلّ مبيع ملهوّ به ... إلى أن قال : حرام محرّم بيعه وشراؤه وإمساكه وهبته وعاريته وجميع التقلّب فيه ...» الخ فإنّ مورده وإن كان هو الأعيان المعدودة من الملاهي كآلات اللهو والقمار غير أنّ الحكم معلّق على الوصف ، فيفيد أنّ تحريم تلك الآلات لكونها ملهوّاً بها فيفيد ذلك أيضاً تحريم كلّ ملهوّ به على وجه كبرى كلّيّة ، فيندرج فيها الشعبذة لأنّها من أعظم الملهوّ به.
لا يقال : إنّ غاية ما في التعليق على الوصف إنّما هو الإشعار بعلّيّة الوصف وهو دون الدلالة فلا يثبت به الكلّيّة المذكورة لأنّ المعتبر في استنباط الحكم الشرعي هو الدلالة لا الإشعار ، لأنّ هذا إنّما هو حكم التعليق على الوصف إذا لوحظ من حيث هو ولكن قد ينضمّ إليه بعض القرائن الخارجة المفيدة للعلّية ومنها كون الخطاب وارداً مورد تأسيس قاعدة كلّيّة وإعطاء ضابطة مطّردة والمقام منه بملاحظة سياق رواية التحف. هذا كلّه في تحريم عمل الشعبذة.
وأمّا تعلّمها فإن جعلناها من السحر فلا إشكال في تحريمه لعموم ما دلّ على تحريم تعلّم السحر ، وإلّا فإثبات تحريمه إذا لم يكن لغرض العمل في غاية الإشكال ، إذ لم نقف على دليل عليه ، والأصل يقتضي الإباحة. ويمكن الاستناد إلى عموم قاعدة حماية الحمى إن كانت في سياق التحريم لا التزهيد والكراهة ، وهو مشكل. فالإنصاف أنّ تعلّم الشعبذة ممّا لا دليل على تحريمه ، وتحريم عمل الشيء لا يقضي بتحريم تعلّمه لا لأجل العمل.
وأمّا التكسّب بها وأخذ الاجرة عليها فالظاهر أنّه ممّا لا خلاف في تحريمه بل الظاهر كونه إجماعيّاً ، ويمكن استفادته أيضاً من النبويّ «إنّ الله إذا حرّم شيئاً حرّم ثمنه» بالتقريب المتقدّم من كون المراد بالثمن مطلق العوض لا خصوص ما يقابل به العين.
__________________
(١) الوسائل ١٥ : ٣٢٩ / ٣٣ ، ب ٤٦ أبواب جهاد النفس ، عيون أخبار الرضا عليهالسلام ٢ : ١٢٥ ـ ١٢٦.