فسّرها في المجمع (١) «بالحركة الخفيفة» والعلّامة في القواعد «بأنّها الحركات السريعة بحيث يخفى على الحسّ الفرق بين الشيء وشبهه لسرعة الانتقال من الشيء إلى شبهه» (٢) وفي المسالك «عرّفوها بأنّها الحركات السريعة الّتي يترتّب عليها الأفعال العجيبة بحيث يلتبس على الحسّ الفرق بين الشيء وشبهه لسرعة الانتقال منه إلى شبهه» (٣) هذا هو الكلام في الموضوع.
وأمّا الحكم فالمعروف من مذهب الأصحاب كونها محرّمة والظاهر أنّه إجماعي وفي كلام جماعة نفي الخلاف كما عن الشهيد في الدروس (٤) بل عن المنتهى (٥) الإجماع عليه. والحجّة عليه بعد ما ذكر ـ مضافاً إلى عموم تحريم السحر إن جعلناه منه ـ أمران :
أحدهما : أنّه من الباطل وهو خلاف الحقّ ، وحاصل معناه الإتيان بخلاف الحقّ ، فيحرم ، لعموم تحريم الباطل الثابت بالعقل لكون قبحه ممّا يستقلّ بإدراكه العقل ، وبالنقل ومنه رواية يونس المتقدّمة في الغناء قال : «سألت الخراساني عن الغناء قلت له : إنّ العبّاسي زعم أنّك العبّاسي زعم ترخّص في الغناء ، فقال : كذب الزنديق ما هكذا قلت له ، سألني عن الغناء قلت له : إنّ رجلاً أتى أبا جعفر عليهالسلام فسأله عن الغناء ، فقال له : إذا ميّز الله بين الحقّ والباطل فأين يكون الغناء؟ قال : مع الباطل ، قال : قد حكمت» (٦) فإنّ قوله عليهالسلام : «قد حكمت» كناية عن تحريم الباطل. ويدلّ عليه على وجه الكبرى الكلّيّة الّتي يندرج فيها الغناء ، فينتظم من ذلك مع ما تقدّم في جواب العبّاسي من قوله : «مع الباطل» قياس بطريق الشكل الأوّل هكذا : الغناء باطل ، وكلّ باطل حرام ، فيندرج فيه الشعبذة لأنّها من أظهر مصاديق الباطل ، خصوصاً على تفسير مجمل اللغة كما عرفت.
وثانيهما : أنّها من اللهو فيشملها عموم ما دلّ على تحريم اللهو وهو ما يلهي عن ذكر الله ، ومنه ما في رواية الأعمش المتكفّلة لتعداد الكبائر من قوله عليهالسلام : «والملاهي الّتي تصدّ عن ذكر الله كالغناء وضرب الأوتار» (٧) وفي الحسن بل الصحيح الوارد في
__________________
(١) مجمع البحرين ٢ : ٥١٤.
(٢) القواعد ٢ : ٩.
(٣) المسالك ٣ : ١٢٩.
(٤) الدروس ٣ : ١٦٤.
(٥) المنتهى ٢ : ١٠١٤.
(٦) الوسائل ١٧ : ٣٠٦ / ١٣ ، ب ٩٩ ما يكتسب به ، الكافي ٦ : ٤٣٥ / ٢٥.
(٧) الوسائل ١٥ : ٣٣١ / ٣٦ ، ب ٤٦ أبواب جهاد النفس ، الخصال : ٦١٠ / ٩.