ومنها : ما سمعت أيضاً من خبر نضر بن قابوس قال : «سمعت أبا عبد الله عليهالسلام يقول : المنجّم ملعون ، والكاهن ملعون ، والساحر ملعون ، والمغنّية ملعونة ، ومن أرادها وأكل كسبها ملعون ، وقال عليهالسلام : المنجّم كالكاهن والكاهن كالساحر والساحر كالكافر والكافر في النار».
ثمّ إنّ ظاهر نصوص الباب وفتاوى الأصحاب أن يكون الإخبار على سبيل الحكم البتّي ، على معنى كونه بصورة الجزم سواء كان المخبر جازماً بما أخبر به أو ظانّاً به أو محتملاً له عملاً بالإطلاق ، وأمّا لو ذكر شيئاً على سبيل الاحتمال أو الظنّ بأن يقول : يحتمل أن يكون كذا ، أو أظنّ أنّه كذا ، أو أرجو أن يكون كذا ، وما أشبه ذلك ممّا لا يكون على سبيل الحكم بالمطلوب ، فلا يندرج فيهما فلا يشمله الحرمة فالأصل يقتضي جوازه ، ولعلّه إلى ذلك ينظر ما فصّله صاحب المفاتيح على ما حكي بقوله : «من المعاصي المنصوص عليها الإخبار عن الغائبات على البتّ لغير نبيّ أو وصيّ نبيّ سواء كان بالتنجيم أو الكهانة أو القيافة أو غير ذلك إلى أن قال : وإن كان الإخبار على سبيل التفؤّل من دون جزم فالظاهر جوازه لأنّ أصل هذه العلوم حقّ ولكنّ الإحاطة بها لا يتيسّر لكلّ أحد ، والحكم بها لا يوافق المصلحة» (١) انتهى ، وإن كان تعليله عليلاً مع نوع تشويش في العبارة ، لأنّ حقّيّة العلوم لا تنافي حرمة ترتيب الآثار عليها الّتي منها الإخبار بالغائبات.
ويؤيّدها علّة منع الشياطين من استراق السمع المتقدّمة في خبر الاحتجاج ، فإنّها تقتضي مبغوضيّة كلّ ما يشاكل الوحي ، ويوجب التباس ما جاء من الله تعالى لإثبات الحجّة ونفي الشبهة على الخلق والمبغوضيّة تلازم الحرمة. ثمّ الظاهر حرمة تعلّم الكهانة أيضاً للنهي المتقدّم عن تعلّم النجوم لأنّها تدعو إلى الكهانة ، وحرمة التكسّب بها وأخذ الاجرة عليها لما تقدّم الإشارة إليه من النصوص الدالّة على كون أجر الكاهن من السحت ، مع إمكان الاستدلال عليه بالنبويّ بالتقريب المتقدّم.
__________________
(١) المفاتيح ٢ : ٢٣ ـ ٢٤.