وكيف كان فالمعروف من مذهب الأصحاب من غير خلاف يعرف هو حرمة عمل الكهانة ، وفي كلام غير واحد نفي الخلاف فيه ، وفي المستند (١) دعوى ثبوت الإجماع عليه ناقلاً «للتصريح به في كلام جماعة» فهو الحجّة ، مضافاً إلى النصوص ، منها : ما دلّ على أنّ أجر الكاهن من السحت.
ومنها : خبر أبي بصير عن أبي عبد الله عليهالسلام «قال : من تكهّن أو تكهّن له فقد برئ من دين محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم» (٢).
ومنها : خبر الهيثم المتقدّم الناطق بأنّ «من مشى إلى ساحر أو كاهن أو كذّاب يصدّقه فقد كفر بما أنزل الله من كتاب» (٣).
ومنها : ما في حديث المناهي المرويّ في الفقيه من «أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم نهى عن إتيان العرّاف ، وقال : من أتاه وصدّقه فقد برئ ممّا أنزل الله على محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم» (٤) والعرّاف على ما عرفت من النهاية الأثيريّة «هو الكاهن» وفي البحار (٥) أيضاً قال الطيبي ـ في شرح المشكاة ـ : هو قسم من الكهّان يستدلّ على معرفة المسروق والضالّة بكلام أو فعل أو حالة.
والسرّ في البراءة على ما دلّ عليه هذه الروايات الثلاث أنّ تصديق الكاهن فيما أخبر به من الغيب تكذيب لله عزوجل فيما أنزله الله في كتابه على نبيّه من اختصاص علم الغيب به ، قال عزّ من قائل : «وَعِنْدَهُ مَفاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُها إِلّا هُوَ ...» (٦) الآية ، وقال أيضاً : و «عِنْدَهُ عِلْمُ السّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ ما فِي الْأَرْحامِ وَما تَدْرِي نَفْسٌ ما ذا تَكْسِبُ غَداً وَما تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ» (٧).
ومنها : ما سمعت أيضاً من قول مولانا امير المؤمنين عليهالسلام : «إيّاكم وتعلّم النجوم إلّا ما يهتدى به في برّ أو بحر فإنّها تدعو إلى الكهانة ، المنجّم كالكاهن ، والكاهن كالساحر ، والساحر كالكافر ، والكافر في النار».
__________________
(١) المستند ١٤ : ١١٦.
(٢) الوسائل ١٧ : ١٤٩ / ٢ ، ب ٢٦ ما يكتسب به ، الخصال : ١٩ / ٦٨.
(٣) الوسائل ١٧ : ١٥٠ / ٣ ، ب ٢٦ ما يكتسب به ، السرائر : ٣٨ / ٢٢.
(٤) الوسائل ١٧ : ١٤٩ / ١ ، ب ٢٦ ما يكتسب به ، الفقيه ٤ : ٣ / ١.
(٥) البحار ٧٣ : ٣٣٠.
(٦) الأنعام : ٥٩.
(٧) لقمان : ٣٤.