فضلة من النبوّة ذهبت في الناس حين بعث النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم» (١).
وإن كان من حيث استنباط القائف بالتفرّس والتحدّس نسب شخص إلى آخر قصد إلى معرفة نفسه جزماً أو ظنّاً من دون أن يبرزه في الخارج ويلحقه به ، فهذا أيضاً ممّا لا دليل على تحريمه ولم نقف على مفت أفتى به صريحاً بل ربّما كان الغرض من تقييدهم الآتي إخراج ذلك عن التحريم. وتوهّم : الدلالة عليه من قوله عليهالسلام في رواية أبي بصير : «ما احبّ أن تأتيهم» في جواب السائل عن القيافة أو القافة على اختلاف النسخة. يدفعه : منع الدلالة لظهور هذه اللفظة في الكراهة ، ولو سلّم عدم ظهورها فيها فلا يسلّم ظهورها في التحريم أيضاً فتكون محتملة لهما ، ولو سلّم ظهورها فيه فأقصاه الدلالة على تحريم إتيان القائف استعلاماً لنسب أو طلباً لإلحاق ولا يلزم منه تحريم استنباط نسب لا للإلحاق.
وإن كان من حيث استنباطه النسب للإلحاق ، فالظاهر أنّه موضوع المسألة ومعقد فتاوي الأصحاب بالتحريم ، ونحن نطالبهم بدليل ذلك ولم نقف لهم على دليل واضح يعتمد عليه ، فيشكل الإذعان به إلّا أن يكون إجماعاً كما يقتضيه الإجماعات المنقولة في كلام الجماعة ، ولكن ثبوته على تحريمها من حيث هي هي ليثبت به الحرمة النفسيّة غير معلوم ، ولذا قيّده جماعة كالشهيدين في الدروس (٢) والمسالك (٣) وجامع المقاصد (٤) والتنقيح (٥) بما إذا ترتّب عليه محرّم.
بل في كلام بعض مشايخنا «والظاهر أنّه مراد الكلّ وإلّا فمجرّد حصول الاعتقاد العلمي أو الظنّي بنسب شخص لا دليل على تحريمه» (٦) انتهى. وكأنّه قدسسره حمل المحرّم المترتّب على القيافة على نفس الإلحاق ، ولعلّ السرّ في تحريمه إمّا أنّه اتّباع لما لا يعلم من حيث إنّ العلامات والأمارات المستند إليها لا تفيد غالباً إلّا الظنّ فيندرج في عموم قوله تعالى : «لا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ» (٧) أو أنّه إثبات للنسب بغير طريقة
__________________
(١) الوسائل ١٧ : ١٤٩ / ٢ ، ب ٢٦ ما يكتسب به ، الخصال ١٩ : ٦٨.
(٢) الدروس ٣ : ١٦٥.
(٣) المسالك ٣ : ١٢٩.
(٤) جامع المقاصد ٤ : ٣٣.
(٥) التنقيح ٢ : ١٣.
(٦) الجواهر ٢٢ : ٩٢.
(٧) الإسراء : ٣٦.