تعالى : «إِنَّ اللهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السّاعَةِ ...» (١) الآية ، ثمّ قال عليهالسلام : إنّ محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم ما كان يدّعي علم ما ادّعيت علمه ، أتزعم إنّك تهدي إلى الساعة الّتي يصيب النفع من سار فيها ، وتصرف عن الساعة الّتي يحيق السوء من سار فيها ، فمن صدّقك بهذا فقد استغنى عن الاستعانة بالله جلّ وعزّ في صرف المكروه عنه ، وينبغي للموقن بأمرك أن يولّيك الحمد دون الله جلّ جلاله ، لأنّك بزعمك هديته إلى الساعة الّتي يصيب النفع من سار فيها وصرفته عن الساعة الّتي يحيق السوء بمن سار فيها ، فمن آمن بك في هذا لم آمن عليه أن يكون كمن اتّخذ من دون الله ضدّاً وندّاً ، اللهمّ لا طير إلّا طيرك ، ولا ضير إلّا ضيرك ، ولا إله غيرك ، ثمّ قال : بل نخالف ونسير في الساعة الّتي نهيتنا ، ثمّ أقبل على الناس ، فقال : أيّها الناس إيّاكم والتعلّم للنجوم إلّا ما يهتدى به في ظلمات البرّ والبحر ، إنّما المنجّم كالكاهن ، والكاهن كالكافر ، والكافر في النار ، أما والله إن بلغني أنّك تعمل بالنجوم لأخلدنّك السجن أبداً ما بقيت ، ولأحرمنّك العطاء ما كان لي سلطان ، ثمّ سار في الساعة الّتي نهاه عنه المنجّم فظهر بأهل النهر وظهر عليهم ، ثمّ قال : لو سرنا في الساعة الّتي أمرنا بها المنجّم لقال الناس : سار في الساعة الّتي أمر بها المنجّم وظفر وظهر ، أما أنّه ما كان لمحمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم منجّم ولا لنا من بعده حتّى فتح الله علينا بلاد كسرى وقيصر ، أيّها الناس توكّلوا على الله وثقوا به فإنّه يكفي ممّن سواه» (٢).
وخبر عبد الملك بن أعين ، قال : قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : «إنّي قد ابتليت بهذا العلم فاريد الحاجة فإذا نظرت إلى الطالع ورأيت الطالع الشرّ جلست ولم أذهب فيها ، وإذا رأيت الطالع الخير ذهبت في الحاجة ، فقال لي : تقضي ، قلت : نعم ، قال : احرق كتبك» (٣) قال المجلسي رحمهالله : «وهذا خبر معتبر يدلّ على أظهر الوجوه على أنّ الإخبار بأحكام النجوم والاعتناء بسعادة النجوم والطوالع محرّم يجب الاحتراز عنه» (٤).
أقول : يعني بأظهر الوجوه أظهر الوجوه المحتملة في قوله عليهالسلام : «تقضي» وهو أن
__________________
(١) لقمان : ٣٤.
(٢) البحار ٥٥ : ٢٦٤ / ٢٦٥ ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ٢ : ٢٦٩ ، الخطبة ٧٨.
(٣) الوسائل ١١ : ٣٧ / ١ ، ب ١٤ آداب السفر ، الفقيه ٢ : ١٧٥ / ٧٧٩.
(٤) البحار ٥٥ : ٢٧٢.